١٢ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ..) [الزمر : ٦٥].
إن قلت : كيف قال ذلك مع أن الموحى إليهم جمع ، ولمّا أوحي إلى من قبله ، لم يكن في الوحي إليهم خطابه.
قلت : معناه ولقد أوحي إلى كل واحد منك ومنهم لئن أشركت.
أو فيه إضمار نائب الفاعل تقديره : ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك التوحيد ، ثم ابتدأ فقال : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ.)
أو فيه تقديم وتأخير تقديره : ولقد أوحي إليك لئن أشركت ، وكذلك أوحي إلى الذين من قبلك.
١٣ ـ قوله تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً) [الزمر : ٧٣] الآيتين.
إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن السّوق فيه نوع إهانة ، لا يليق بأهل الجنّة؟
قلت : المراد بسوق" أهل النّار" طردهم إليها بالهوان والعنف ، كما يفعل بالأسرى الخارجين على السلطان ، إذا سيقوا إلى حبس أو قتل. وبسوق" أهل الجنّة" سوق مراكبهم ، حثا وإسراعا بهم إلى دار الكرامة والرضوان ، كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على السلطان.
فإن قلت : كيف قال في صفة النّار : (فُتِحَتْ أَبْوابُها) بلا واو ، وفي صفة الجنة بالواو : (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها؟)
قلت : هي زائدة ، أو هي واو الثمانية لأن أبواب الجنة ثمانية ، أو واو الحال أي جاءوها وقد فتحت أبوابها قبل مجيئهم ، بخلاف أبواب النّار فإنها إنما فتحت عند مجيئهم ، والسرّ في ذلك أن يتعجلوا الفرح والسرور ، إذا رأوا الأبواب مفتّحة.
وأهل النار يأتونها وأبوابها مغلقة ليكون أشدّ لحرّها.
أو أن الوقوف على الباب المغلق نوع ذلّ وهوان ، فصين أهل الجنة عنه.
أو أن الكريم يعجّل المثوبة ويؤخّر العقوبة ، أو اعتبر في ذلك عادة دار الدنيا.
لأن عادة من في منازلها من الخدم ، إذا بشّروا بقدوم أهل المنازل ، فتح أبوابها قبل مجيئهم ، استبشارا وتطلعا إليهم ، وعادة أهل الحبوس إذا شدّد في أمرها ، ألا تفتح أبوابها إلا عند الدخول إليها أو الخروج.
" تمت سورة الزمر"