والمعنى : اجمعا بين الاستقرار والأكل.
وفي" الأعراف" : معناه أدخل لكونهما كانا خارجين عنها ، والأكل لا يكون مع الدخول عادة بل عقبه ، فلهذا عطف بالفاء الدالة على التعقيب وقد بسطت الكلام على ذلك في الفتاوى.
١٩ ـ قوله تعالى : (اهْبِطُوا مِنْها.)
كرّر الأمر بالهبوط للتوكيد. أو لأن الهبوط الأول من الجنة ، والثاني من السماء. أو لأن الأول إلى دار الدنيا ، يتعادون فيها ولا يخلّدون ، والثاني إليها للتكليف ، فمن اهتدى نجا ، ومن ضلّ هلك.
٢٠ ـ قوله تعالى : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ.)
وفي" طه" : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ) [طه : ١٢٣].
إن قلت : لم عبّر هنا ب" تبع" وثمّ ب" اتّبع" مع أنهما بمعنى؟
قلت : جريا على الأصل هنا ، وموافقة لقوله (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ) ثمّ (١).
ولأن القضيّة لما بنيت من أول الأمر على التأكيد بقوله تعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ) [طه : ١١٥] ناسب اختصاصها بالزيادة المفيدة للتأكيد.
٢١ ـ قوله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَ)
إن قلت : لا تغاير بينهما ، فكيف عطف أحدهما على الآخر؟
قلت : بل هما متغايران لفظا ، كما في قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) [البقرة : ١٥٧] ، أو لفظا ومعنى ، لأن المراد بلبسهم الحقّ بالباطل ، كتابتهم في التوراة ما ليس فيها ، وبكتمانهم الحقّ قولهم : لا نجد في التوراة صفة محمد.
٢٢ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ.)
إن قلت : ما فائدة ذكر الثاني ، مع أنّ ما قبله يغني عنه؟
قلت : لا يغني عنه ، لأنّ المراد بالأول : أنّهم ملاقو ثواب ربهم ، على الصبر والصلاة.
وبالثاني : أنّهم موقنون بالبعث ، وبحصول الثواب على ما ذكر.
٢٣ ـ قوله تعالى : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ.)
__________________
(١) ثمّ : أي هناك ، والمراد في" طه : ١٢٣" (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ).