فإن قلت : ما الحكمة في تقديم الشّفاعة هنا ، وعكسه فيما يأتي (١)؟
قلت : للإشارة هنا إلى من ميله إلى حبّ نفسه أشدّ منه إلى حبّ المال ، وثمّ إلى من هو بعكس ذلك.
٢٤ ـ قوله تعالى : (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ.)
فإن قلت : ما الحكمة في ترك العاطف هنا ، وذكره في" إبراهيم" (٢)؟
قلت : لأن ما هنا من كلام الله تعالى ، فوقع تفسيرا لما قبله ، وما هناك من كلام موسى وكان مأمورا بتعداد المحن في قوله : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) [إبراهيم : ٥] فعدّد المحن عليهم ، فناسب ذكر العاطف.
٢٥ ـ قوله تعالى : (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.)
إن قلت : ما الحكمة في ذكر (كانُوا) هنا وفي الأعراف ، وفي حذفها في آل عمران؟
قلت : لأن ما في السورتين ، إخبار عن قوم ماتوا وانقرضوا ، فناسب ذكرها ، وما في" آل عمران" مثّل ضربه تعالى لأعمالهم بقوله : (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ) [آل عمران : ١١٧] إلى آخره.
٢٦ ـ وقوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا.)
فإن قلت : ما الحكمة في العطف بالفاء هنا ، وفي الأعراف بالواو؟
قلت : لأنه عبّر هنا بالدخول ، وهو سريع الانقضاء ، فلا يناسبه مجامعة الأكل له ، وإنما يناسبه تعقيبه له ، فعطف بالفاء. وعبّر في الأعراف بالسكون (٣) ، أي : الاستقرار ، وهو ممتدّ يجامعه الأكل ، فعطف بالواو.
٢٧ ـ قوله تعالى : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً.)
إن قلت : لم قدّمه على قوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ) وعكس في الأعراف؟
قلت : لأنه هنا وقع بيانا لكيفية الدخول المذكور قبله ، بقوله : (وَإِذْ قُلْنَا
__________________
(١) في قوله تعالى : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ) البقرة آية ١٢٣.
(٢) في قوله تعالى : (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) آية ١٦١.
(٣) في قوله تعالى : (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ) الأعراف : ١٦١.