فإن قلت : لم قال هنا : (وَلَنْ ،) وفي الجمعة : (لا) (١)؟
قلت : لأنّ (وَلَنْ) أبلغ في النفي من (لا ،) حتى قيل : إنّها لتأبيد النفي ، ودعواهم في البقرة بالغة قاطعة ، وهي كون الجنّة لهم بصفة الخلوص ، فناسب ذكر (وَلَنْ) فيها.
ودعواهم فی الجمعة قاصرة مردودة ، وهي زعمهم ألهم أولياء الله ، فناسبَ ذِكرُ (لا) فيها.
٤٢ ـ قوله تعالى : (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا.)
فإن قلت : لم خصّوا بالذّكر ، مع دخولهم في الناس في قوله تعالى : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ)؟.
قلت : لشدّة حرصهم على الحياة لإنكارهم البعث.
٤٣ ـ قوله تعالى : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.)
إن قلت : لم قال هنا : (لا يُؤْمِنُونَ ،) وفي غيره : (لا يَعْقِلُونَ ، لا يَعْلَمُونَ؟)
قلت : لأنّ الآية هنا نزلت في كفار نقض بعضهم العهد ، وجحد بعضهم الحقّ ، ولم يجتمع هذان الأمران في غير هذه السورة.
٤٤ ـ قوله تعالى : (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) أي : من السّحر ، فهو معطوف على السّحر قبله ، وسوّغ عليه تغايرهما لفظا ، والملكان أنزلهما الله تعالى لتعليم السّحر ، ابتلاء منه للناس.
فإن قلت : هذا يدلّ على جواز تعليم السحر ، فلا يكون حراما!؟
قلت : الحرام تعليمه ليعمل به ، لا ليجتنب فإنه جائز ، كما لو سئل إنسان عن الزّنا ، لزمه بيانه للسائل ليعرفه فيجتنبه.
٤٥ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) إلى (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ.)
إن قلت : كيف أثبت لهم العلم أولا مؤكدا بلام القسم ، ونفاه عنهم آخرا؟
قلت : المثبت لهم علمهم بأنّ من اختار السّحر ، ما له في الآخرة من نصيب ، والمنفيّ عنهم علمهم بحقيقة ما يصيرون إليه فيها.
__________________
(١) في قوله تعالى (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) الجمعة : ٧.