إن قلت : لم قال هنا : (قُولُوا) و : (إِلَيْنا) وفي آل عمران : (قُلْ) و : (وعَلَيْنا؟)
قلت : لأن" إلى" للانتهاء ، وهو لا يختصّ بجهة ، والكتب منتهية إلى المؤمنين بعد نزولها على الأنبياء ، والخطاب هنا للمؤمنين لقوله : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ ،) و" على" للاستعلاء وهو مختص بالأنبياء ، وأفضلهم نبيّنا ، وهو المخاطب ثمّ بقوله : (قُلْ آمَنَّا بِاللهِ) فكان الأنسب هنا وثمّ ما ذكر ، وكرّر : (وَما أُنْزِلَ) لاختلاف المنزل إلينا ، والمنزل على إبراهيم وما عطف عليه.
٥٦ ـ قوله تعالى : (وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ.)
ذكر (وَما أُوتِيَ) هنا ، وحذفه في" آل عمران" (١) اختصار ، كما هو الأنسب بالآخر. أو لأن الخطاب هنا عامّ ، وثمّ خاصّ ـ كما مرّ ـ فكان الأنسب ذكره في الأول ، وحذفه في الثاني.
فإن قلت : لم قال هنا : (وَما أُوتِيَ مُوسى) ، ولم يقل : " وما أنزل إلى موسى" ، كما قال قبل : (وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ)؟
قلت : للاحتراز عن كثرة التكرار.
فإن قلت : لم كرّر : (وَما أُوتِيَ) هنا ، وحذفه في آل عمران؟
قلت : إنّما حذفه ثمّ للاغتناء عنه بقوله قبله : (لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) [آل عمران : ٨١].
٥٧ ـ قوله تعالى : (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ.)
فإن قلت : إن أريد ب (ما آمَنْتُمْ بِهِ) الله تعالى ، فالله لا مثل له ، أو دين الإسلام فكذلك؟
قلت : القصد بالآية إنما هو التعجيز كما في قوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) أو كلمة" مثل" زائدة للتوكيد كما في قوله : (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) [يونس : ٢٧] أو الباء زائدة كما في قوله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) [مريم : ٢٥] و" ما" مصدريّة والمعنى بمثل إيمان من آمنتم به وهو الله ، أو دين الإسلام.
٥٨ ـ قوله تعالى : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ.)
__________________
(١) في قوله تعالى : (وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) آية (٤٨).