٦٣ ـ قوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) أي اليهود والنصارى ، ولكل منهما قبلة ، لكن لمّا كانت القبلتان باطلتين ، كانتا في حكم البطلان واحدة ، فلهذا قال : (قِبْلَتَهُمْ.)
٦٤ ـ قوله تعالى : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) قال في" الأنعام" مثله : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) وفي" آل عمران" : (فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) بغير نون التوكيد. لأنّ ما في آل عمران جاء على الأصل ، ولم يكن فيها ما اقتضى إدخال نون التوكيد ، بخلاف ما هنا ، فإنّ قبله التوكيد بأنّ في قوله : (أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ.)
وفي الأنعام : (يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِ) فناسب التوكيد فيهما بالنون.
٦٥ ـ قوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ.)
إن قلت : كيف يكون للظالمين من اليهود حجّة على المؤمنين؟
قلت : حجّتهم قولهم : ما تحوّل محمد عن الكعبة ، إلا أنه بدا له الرجوع إلى قبلة آبائه ، ويوشك أن يرجع إلى دينهم!!
وهذا باطل ، وإنما سمّي حجّة كقوله : (حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ) [الشورى : ١٦] لشبهه لها صورة ، فالمعنى إلا أن يقولوا ظلما وباطلا ، كقولك لرجل : ما لك عندي حق إلا أن تظلم أي : إلا أن تقول الباطل.
٦٦ ـ قوله تعالى : (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ) عطف على قوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ.)
٦٧ ـ قوله تعالى : (وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ.)
إن قلت : ما فائدة ذكر الثاني مع أن الأول يقتضيه؟
قلت : لا نسلّم أنه يقتضيه ، لأن المراد بالكفر ستر النّعمة ، والشّكر لا يقتضي عدمه.
٦٨ ـ قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا) ترك (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) هنا ، وذكره في" آل عمران" (١) لأنه لو ذكره هنا مع قوله قبله (مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ)
__________________
(١) في آل عمران (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٨٩).