طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ.)
نسبة هذه الأفعال إلى عيسى ، لكونه سببا فيها : ومعنى : (بِإِذْنِ اللهِ) بإرادته. وقال هنا : (فَأَنْفُخُ فِيهِ) وفي المائدة : (فَتَنْفُخُ فِيها) بإعادة الضمير هنا إلى الطير أو الطين ، وفي المائدة إلى هيئة الطّير ، تفنّنا جريا على عادة العرب في تفنّنهم في الكلام. وخصّ ما هنا بتوحيد الضمير مذكرا ، وما في المائدة بجمعه مؤنثا!!.
قيل : لأن ما هنا إخبار من عيسى قبل الفعل فوحّده ، وما في المائدة خطاب من الله له في القيامة ، وقد سبق من عيسى الفعل مرّات فجمعه.
٢٤ ـ قوله تعالى : (بِإِذْنِ اللهِ.)
ذكرها هنا مرتين بهذا اللفظ ، وفي" المائدة" أربعا بلفظ : (بِإِذْنِي!!) لأنه هنا من كلام عيسى ، وثمّ من كلام الله.
٢٥ ـ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ.)
هو كقوله في مريم : (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) وقال في الزخرف : (إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) بضمير الفعل ، الدّالّ على حصر المبتدأ في الخبر ، بمعنى : إن الله ربي لا أبي كما زعمت النّصارى ، ولم يتقدّم ذلك ما يغني عن الحصر ، فحسن ذكر (هُوَ) بخلافه في الأخريين ، فإنه ذكر في" آل عمران" عشر آيات من قصة مريم وعيسى ، وفي" مريم" عشرون آية منها ، فأغنى ذلك فيهما عن ذكر" هو".
٢٦ ـ قوله تعالى : (وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.)
قال هنا (بِأَنَّا) وفي المائدة (بِأَنَّنا) لأن ما فيها أول كلام الحواريين ، فجاء على الأصل ، وما هنا تكرار له بالمعنى ، فناسب فيه التخفيف ، لأنّ كلّا من التخفيف والتكرار فرع ، والفرع بالفرع أولى.
٢٧ ـ قوله تعالى : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ.)
إن قلت : كيف قاله والله رفعه ولم يتوفّه؟
قلت : لما هدّده اليهود بالقتل ، بشّره الله بأنه لا يقبض روحه ، إلا بالوفاة لا بالقتل ، والواو لا تقتضي الترتيب.
أو إنّي متوفّي نفسك بالنوم من قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) [آل عمران : ٤٢] ورافعك وأنت نائم لئلا تخاف ، بل