سألته عن الوصية للوارث ، فقال : يجوز ، ثم تلي هذه الآية (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ). ونحوها من الاخبار (١).
ويمكن حمل الخبر السابق على تقدير ثبوته على الوصية الغير الجائزة كالوصية مع الدين المستغرق أو فيما زاد على الثلث ونحو ذلك مما يمنع الوصية ، على انه معارض (٢) بما رووه عنه صلىاللهعليهوآله «لا تجوز الوصية للوارث الا أن يجيزها الورثة». وظاهر أن الإجازة متأخرة عنها ، فحين وقوع الوصية المتقدم على الإجازة ان وقعت باطلا لم تؤثر الإجازة ، فإن الباطل لا عبرة به ولا اعتبار له في نظر الشرع ، فوجب أن تكون صحيحة.
وذهب ابن عباس وجماعة من العامة إلى أن الآية منسوخة في حق من يرث ثابتة فيمن لا يرث ، قالوا : الآية دلت على وجوب الوصية للقريب وارثا وغيره ترك العمل به في حق القريب الوارث إما بآية المواريث أو بقوله «لا وصية لوارث» أو بإجماع ، فبقيت الآية دالة على وجوب الوصية للقريب الذي لا يكون وارثا.
لكن يشكل الحكم بأن أكثر العلماء لا يقولون بوجوب الوصية للمذكورين ، فيمكن توجيه النسخ حينئذ بأن الوصية كانت واجبة ثم نسخ وجوبها بالخبر. ولا يلزم من نسخ الوجوب ارتفاع الجواز ، بل يبقى بعده الجواز الأصلي أو الشرعي كما قالوه فيصح قول من قال بالنسخ ان أراد ذلك نظرا الى عدم الوجوب.
[قيل] ويمكن أن يقال : المراد بالآية الندب ، على أن «كتب» بمعنى ندب وان كان ظاهره الوجوب ، لانعقاد الإجماع على عدمه ، فلا حاجة الى النسخ مع كون الأصل
__________________
ـ في التهذيب ج ٩ ص ١٩٩ الرقم ٧٩٣ والفقيه ج ٤ ص ١٤٤ الرقم ٤٩٣ ورواه في المجمع ج ١ ص ٢٦٧.
(١) انظر الوسائل الباب ١٥ من أبواب كتاب الوصايا ج ٢ ص ٦٦٤ ط الأميري ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٥٢٠.
(٢) انظر سنن البيهقي ج ٦ ص ٢٦٣ و ٢٦٧ و ٢٧٢ والمنتقى بشرح نيل الأوطار ج ٦ ص ٤٣ واللفظ فيهما الا ان يشاء الورثة فما في الكتاب منقول بالمعنى.