إذا وقع التفريط من الوارث لم يلحق الموصى من الإثم شيء ويكون ثواب الوصية له ، لا ان مراده أن الإثم الذي كان حاصلا للموصي بسبب ترك الزكاة والحج والصلاة والصوم وغيرها من الأمور الواجبة بالأصل أو غيره متى ما أوصى بها خرج عن العهدة وتعلق ذلك الإثم بالمبدل ، فان في ذلك مخالفة للعقل والنقل ، إذ يمتنع أن يكون الإنسان مع تقصيره في الحقوق الواجبة كالزكاة والخمس وأكل مال الناس غصبا وظلما متى ما أوصى بها خرج عن تلك الحقوق ولا يكون عليه إثم ويلحق إثمها للوصي المبدل ، مع ان قوله «ولا يجازى أحد على عمل غيره» صريح في إرادة ما قلناه ، فلا يرد عليه ذلك.
ثم قال : وفيها أيضا دلالة على بطلان قول من قال ان الوارث إذا لم يقض دين الميت فإنه يؤاخذ به في قبره أو في الآخرة ، لما قلناه من انه يدل على ان العبد لا يؤاخذ بجرم غيره ، إذ لا اثم عليه بتبديل غيره ، وكذلك لو قضى عنه الوارث من غير أن يوصى بها لم يزل ذلك عقابه الا أن يتفضل الله بإسقاطه عنه.
قلت : الظاهر أن مراده ان الميت إذا أوصى بما عليه من الدين خرج عن عهدة أصل الدين ، فإنه بمثابة دفع الدين إلى من يدفعه الى صاحبه لا انه يخرج عن عهدة التقصير الحاصل له بعدم دفعه إلى صاحبه مع طلبه في وقت يمكن الدفع فيه اليه وتأخيره عنه الى ان مات.
وعلى هذا لو فرط الوارث في الدفع الى صاحب الدين لم يكن الميت مؤاخذا في قبره وفي الآخرة بأصل الدين ، فان العبد لا يؤاخذ بجرم غيره ، والتقصير في دفع الدين الذي أوصى به الميت انما صدر من الوارث حيث لم يدفعه إلى صاحبه وغيّر الوصية ، أي ليس على الميت هذا الإثم وان كان الإثم عليه بسبب تقصيره في الدفع الى صاحبه إذا طلبه أيام حياته مع تمكنه من الدفع اليه وتقصيره فيه ، فلو لم يتمكن منه لم يكن عليه اثم بوجه من الوجوه ويرجع الإثم إلى الوارث لو غيّر الوصية.
وفي الاخبار دلالة على ما ذكرناه : روى الحلبي (١) في الصحيح عن الصادق عليهالسلام
__________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٢٤٠ باب من اوصى وعليه دين الحديث ٥ وهو في المرآة ج ٤ ص ١٢٩ والتهذيب ج ٩ ص ١٦٧ الرقم ٦٨٠ والفقيه ج ٤ ص ١٦٧ الرقم ٥٨٢ ورواه ـ