لمن لا ذنب له.
الثانية : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) النساء ـ ١١).
(مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ) متعلق بما تقدمه من قسمة المواريث كلها لا بما يليه فقط أى يقسم التركة على الوجه الذي ذكر بعد قضاء الدين والوصية التي أوصى بها. ومعنى «أو» هنا الإباحة ، وفيها إشارة إلى أنه لو كان أحدهما أو كلاهما قدم على قسمة الميراث ، كقولك «جالس الحسن أو ابن سيرين» أي جالس أحدهما منفردا أو مضموما إلى الأخر.
والآية وان كانت مطلقة في اعتبار الدين والوصية ، الا أن الاخبار دلت على أن الدين ان كان مستغرقا للتركة لم تكن الوصية معتبرة بل كان الدين مقدما عليها وعلى الإرث ، وان لم يكن مستغرقا كانت الوصية نافذة في ثلث الفاضل عن الدين ، وعلى ذلك إجماع أصحابنا ، فيقيد إطلاق الآية به.
وقال بعد ذلك (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) حال من فاعل يوصى اى يوصى بها ، وهو غير مضار اما في الوصية وذلك أن يوصي بالزيادة على الثلث واما في الميراث بأن يوصي بالثلث فما دونه ، ولكن قصده مضارة ورثته وحرمانهم لا وجه الله تعالى.
ويحتمل أن يكون المراد أن يوصي بدين ليس عليه يريد بذلك إضرار ورثته وفي حكمه إقراره باستيفاء ديونه في مرضه أو بيع ماله أو استيفاء ثمنه لئلا يصل الى وارثه.
(وَصِيَّةً مِنَ اللهِ) مصدر يؤكد ما تقدم ، ويجوز أن يكون مفعولا به لغير مضار أي لا يضار وصية من الله ، وهي الثلث فما دونه بزيادته على الثلث ، أو وصية من الله بالأولاد وان لا يدعهم عالة على الناس بإسرافه في الوصية وإقراره الكاذب ، وفي الحديث «ان الإضرار بالوصية من الكبائر».
(وَاللهُ عَلِيمٌ) بالمضار وغيره (حَلِيمٌ) لا يعاجل بالعقوبة ، ففيها دلالة على مشروعية الوصية وعلى تقديمها على الإرث. ولعل تقديمها في الذكر على الدين مع أنها متأخرة