للموت ، لأن الاملاك المستقرة على ملك أربابها لا تزول عنهم بردهم إياها ، ولا يمكن القول بالوقف لأنه انما ثبت الوقف بالنسبة إلينا لعدم علمنا بالحكم لا في نفس الأمر ونحن قسمنا بالنسبة الى ما في نفس الأمر فلم يبق الا ما ادّعيناه.
وظاهر الآية يساعد على ذلك لاقتضائه الإرث بعد الوصية كما عرفت ، ونحن نقول به لحصول الملك بالموت لكنه غير مستقر والقبول يوجب استقراره ، وهذا كما نقول في المبيع مدة الخيار ، فإنه ملك المشتري حصل له بالعقد ولا يستقر عليه الا بمضي زمان الخيار.
وقد اختلف العامة في ذلك ، وللشافعي فيه أقوال ثلاثة : أصحها عندهم ما اخترناه أخيرا. والثاني أنه يدخل في ملك الموصى له بموت الموصى من غير اختياره كما يدخل الميراث في ملك الورثة ، ويستقر بقبوله وهو قول غير مشهور بينهم ، ووجهه انه يستحقه بالموت فأشبه الميراث ، ولا يجوز ان يبقى على ملك الميت لأنه صار جمادا ، ولا يجوز أن ينتقل إلى الورثة لأنه تعالى قال (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها) ، فثبت انه ينتقل الى الموصى له.
والثالث ان الموصى له يملك ما أوصى له بالقبول لانه تمليك بعقد فيتوقف الملك فيه على القبول كالبيع ونحوه.
قال مالك وأبو حنيفة واحمد وأهل العراق : وهل الملك قبل القبول للوارث أو يبقى للميت؟ فيه وجهان عندهم أصحهما الأول.
وحيث أن النظر الى ظاهر الآية فهو الى ما ذهبنا إليه أقرب واحتاج حملها على غيره الى تكلف أو تقييد والأصل عدمه. وتظهر فائدة الخلاف في النماء الحادث بين الموت والقبول ، فعلى ما اخترناه للموصى له ، وعلى قول الأكثر للوارث أو على ملك الميت ، فإنه لم يخرج بالموت عن قابلية الملك ، ومن ثم يبقى ملكه على ما يحتاج اليه من مؤنة تجهيزه ودفنه وقضاء ديونه ونحوها. ويجوز أن يتجدد له ملك أيضا ، كما إذا نصب شبكة فوقع فيها صيد بعد موته فإنه يملكه وينفذ فيه وصاياه ويقضى ديونه ونحو ذلك.
واعلم ان ما اخترناه من كون ملك الوصية متزلزلا بالموت فيما إذا كان الموصى ـ