له معينا ، فلو كانت لغير معين ـ بأن كان في جهة عامة كالمساجد والقناطر أو للفقراء مثلا أو بالعتق وشبهه ـ لم يعتبر فيها القبول وكفى الموت وحده في الاستقرار.
الثالثة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ. فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ. ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (المائدة ـ ١٠٦).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) أى الإشهاد الذي يقام به الحقوق فيما بينكم عند الحكام وأمرتم به ، وإضافتها إلى الظرف على الاتساع (إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) إذا شارفه وظهرت اماراته عنده ، لا حال احتضاره لعدم القدرة على التكلم حينئذ ، وهو ظرف للشهادة (حِينَ الْوَصِيَّةِ) بدل منه. وفي الابدال تنبيه على أن الوصية مما لا ينبغي أن يتهاون بها المسلم عند ظهور أمارات الموت ، فكأن وقتيهما واحد. ويحتمل أن يكون ظرفا آخر للشهادة. (اثْنانِ) خبر شهادة بينكم ، أو فاعل ساد مسد الخبر على حذف المضاف ، أي شهادة اثنين ، ويحتمل أن يكون فاعل فعل محذوف ، أي شهادة ما بينكم أن تشهد اثنان (ذَوا عَدْلٍ) صاحبا عدالة يسكن إلى قولهما (مِنْكُمْ) من المسلمين ، وهما صفتان للاثنان ، ويحتمل كون منكم حالا عنهما.
(أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) من غير ملتكم كأهل الذمة ، والظاهر أن المراد آخران كذلك أى ذوا عدل [كما يقتضيه ظاهر العطف على قوله منكم الداخل في حيز العدالة] والمراد كونهما ظاهري العدالة عند أهل ملتهم ، وقد وقع التصريح باعتبار ذلك في الخبر على ما سيجيء.