ولعل ترك ذلك للتنبيه على أنها بمثابة العدم لعدم الايمان ، وعلى هذا فيجوز شهادة الذمّي في الوصية مع حصول الشرائط المذكورة ، وهو قول ابن عباس وجماعة من العامة ، وعليه أصحابنا اجمع ، وجمهور العامة على أن المراد بقوله (مِنْكُمْ) من أقاربكم و (مِنْ غَيْرِكُمْ) من الأجانب ، ومنعوا شهادة الذمي رأسا وسيجيء.
(إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) سافرتم فيها (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) اى قاربتم الأجل ، والفاء للعطف على ضربتم ، والخبر محذوف من جنس قوله ، (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) وهو شرط للانتقال من شهادة العدلين من المسلمين إلى شهادة غيرهما ، فكأنه قال شهادة غيرهما تسمع إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم الموت ولا شاهد من المسلمين معكم. وبالجملة يجوز شهادة الغير مع الضرورة وفقد عدول المسلمين لا مع الاختيار.
(تَحْبِسُونَهُما) تمنعونهما وتصبرونهما ، وهو صفة آخران ، ولعل توسط الشرط بين الصفة والموصوف للإشارة إلى أن سماع شهادة الغير مشروط بالتعذر كما أشرنا اليه. ويجوز ان يكون للاستيناف ، كأنه قيل كيف نعمل ان ارتبنا بالشاهدين فقال تحبسونهما.
(مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) صلاة العصر للرواية ، ولأن الناس بالحجاز كانوا يحلفون بعدها ، ولانه وقت اجتماع الناس وتكاثرهم وتصادم ملائكة الليل وملائكة النهار ، ولأنها هي صلاة أهل الذمة وهم يعظمونها ، وقيل مطلق الصلاة.
(فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ) ان ارتاب الوارث منكم في شأنهما أو اتهمهما ، ويجوز أن يكون الخطاب للحكام ، والشرط اعتراض بين القسم والمقسم عليه وهو (لا نَشْتَرِي بِهِ) لا نستبدل بالله أو بالقسم به أو بالشهادة فإنها بمعنى الاشهاد ، ولعل فائدة الشرط التنبيه على أن القسم انما هو مع الارتياب لا مطلقا.
(ثَمَناً) عرضا «قليلا» من الدنيا كما هو مفاد التنكير أى لا نحلف بالله كاذبين لطمع الدنيا (وَلَوْ كانَ) المشهود له (ذا قُرْبى) وجوابه محذوف أي لا نشتري ، أو انها غنية عن الجواب لكونها وصلية ، وتخصيصه بالذكر لميل الناس إلى أقاربهم ومن