يناسبونهم ، أو المراد ان هذه عادتهم في صدقهم وأمانتهم ابدا ، فكأنهم داخلون في قوله (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ).
(وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) أي الشهادة التي أمرنا الله بإقامتها ، وهو عطف على المحلوف عليه ، وعن الشعبي انه وقف على شهادة. ثم ابتدأ الله بالمدّ على طرح حرف القسم وتعويضه بحرف الاستفهام ، وقد ينقل عنه بغير مد على حذف حرف القسم من غير تعويض كقوله «الله لأفعلنّ».
(إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) أى ان كتمناها ، والظاهر أنهم يذكرون في قسمهم جميع ما ذكر. والإحلاف اثر الصلاة ليكون لطفا في النطق بالصدق وناهية عن الكذب والزور ، والغرض من ذلك التغليظ في الوقت ، وهو قول الشافعية ، وقال أبو حنيفة يحلف من غير تغليظ ، ولا يخفى بعده عن ظاهر الآية.
(فَإِنْ عُثِرَ) فان اطلع لامارة أوجبت الظن (عَلى أَنَّهُمَا) اي الآخران من الغير اللّذين شهدا (اسْتَحَقَّا إِثْماً) استوجباه بسبب تحريفهما في الشهادة وحلفهما كذبا (فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما) فشاهدان آخران يقومان مقامهما بعد عزلهما ورد شهادتهما (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) أى «من الذين استحقّ عليهم» أي الإثم ومعناه من الّذين حق عليهم ، وهم الورثة الذين استحق عليهم الوصية بسبب شهادة الذمّيين الكاذبين (الْأَوْلَيانِ) الاحقّان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما ، وهو بدل من ضمير يقومان ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو خبر آخران ، أو مبتدأ خبره آخران.
وقرأ حمزة ويعقوب وأبو بكر عن عاصم «الأوّلين» على أنه صفة الذين أو بدل منه ، أى من الأولين الذين استحق عليهم ، وقرئ «الأولين» على التثنية وانتصابه على المدح ، و«الأولان» وإعرابه اعراب الأوليان.
(فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما) أصدق وأولى بأن يقبل من شهادة الآخرين من الغير الذي اطلع على كذبهما (وَمَا اعْتَدَيْنا) وما تجاوزنا فيها الحق (إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) أي ان اعتدينا فنحن من الظالمين لأنفسنا أو مطلقا لوضعنا الباطل موضع الحق.