وسبب النزول على ما رواه الكليني (١) عن علي بن إبراهيم عن بعض رجاله رفعه قال : خرج تميم الداري وابن بندي وابن أبي مارية في سفر ، وكان تميم الداري مسلما وابن بندي وابن أبي مارية نصرانيين ، وكان مع تميم الداري خرج له فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة أخرجهما إلى بعض أسواق العرب للبيع ، واعتل تميم الداري علة شديدة.
فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بندي وابن أبي مارية وأمرهما ان يوصلاه إلى ورثته ، فقدما المدينة وأخذا من المتاع الآنية والقلادة وأوصلا سائر ذلك إلى ورثته ، فافتقد القوم الآنية والقلادة فقال لهما أهل تميم : هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة.؟ فقالا : لا ما مرض إلا أياما قلائل. قالوا : فهل سرق منه شيء في سفره هذا؟ قالا : لا. قالوا : فهل اتجر تجارة خسر فيها؟ قالا : لا. قالوا فقد افتقدنا أفضل شيء كان معه آنية منقوشة مكللة بالجوهر وقلادة. فقالا : ما دفع إلينا فقد أدينا إليكم.
فقدّموهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وأوجب رسول الله عليهما اليمين فحلفا فخلّا عنهما ، ثم ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما فجاء أولياء تميم إلى رسول الله فقالوا : يا رسول الله قد ظهر على ابن بندي وابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما.
فانتظر رسول الله صلىاللهعليهوآله من الله الحكم في ذلك ، فأنزل الله تبارك وتعالى (يا ـ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ).
فأطلق الله عزوجل شهادة أهل الكتاب على الوصية فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلمين (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ).
__________________
(١) الكافي باب الاشهاد على الوصية الحديث ٧ ج ٢ ص ٢٣٥ وهو في المرآة ج ٤ ص ١٢٥ والوافي الجزء ١٣ ص ٩ وذيل الحديث ذلك أدنى أن يأتوا الشهادة على وجهها أو يخافوا ان ترد ايمان بعد ايمانهم.