أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ). قال : اللذان منكم مسلمان واللّذان من غيركم من أهل الكتاب ، فان لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوآله سن في المجوس سنّة أهل الكتاب في الجزية.
وذلك إذا مات الرجل في أرض غربة فلم يجد مسلمين أشهد رجلين من أهل الكتاب يحبسان بعد العصر فيقسمان بالله عزوجل (لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) الحديث. ونحوهما من الاخبار.
ولأن الميت قد يكون عليه حق واجب ، أوله شيء عند الغير ، وظاهر أن ترك الوصية والاشهاد عليها على تقدير عدم المسلمين يستلزم ضياعها وتلفها وهو غير جائز. وبأن هذين الشاهدين لو كانا مسلمين لم يكن الاستشهاد بها مشروطا بالسفر لجواز ذلك في الحضر أيضا اتفاقا. وبأنه تعالى أوجب الحلف عليهما والشاهد المسلم لا يجب تحليفه البتة. وبأن الشاهدين في سبب النزول كانا نصرانيين.
وخالف العامة في ذلك (١) فلم يجيزوا شهادة الذمي في وجه من الوجوه. واختلفوا في حمل الآية ، فقيل المراد بها ذلك ولكن كان في أول الإسلام ثم نسخ. قال «القاضي» ومن فسر الغير بأهل الذمة جعله منسوخا ، فإن شهادة الذمي على المسلم لا تسمع إجماعا ويرد ما قاله أصالة عدم النسخ وعدم صلاحية ما يدعى كونه ناسخا له ، [إذ الآية خاصة بالوصية حال الضرورة ، فتكون الأدلة الدالة على اشتراط الايمان والعدالة في الشاهد مخصوصة بما عدا الوصية على الوجه المخصوص].
ويؤيده ما قاله أبو عبيدة ان جل العلماء يتأولونها في أهل الذمة ويرونها محكمة قال ويقوى هذا القول تتابع الآثار في سورة المائدة بقلة المنسوخ فيها وأنها من محكم القرآن وآخر ما نزل قلت : ويرد ما ادّعاه من الإجماع تظافر الاخبار بما ادعيناه عن الأئمة الأطهار (٢) الذين هم معدن الوحي واسرار التنزيل وهم أعرف بمحكم القرآن
__________________
(١) وانظر أيضا البيان لاية الله الخويي مد ظله من ص ٢٣٩ ـ ٢٤٢.
(٢) بل الاخبار بذلك متظافرة ان لم تكن متواترة من طرق الفريقين انظر في ذلك تعاليقنا على المجلد الأول من هذا الكتاب ص ٣٧ ـ ٣٨ وانظر أيضا كتاب مشكل الآثار للطحاوى ج ٣ من ص ١٩٥ ـ ١٩٧.