هذا] وقد اختلف أصحابنا في وجوب إحلافهما بعد العصر ، فقال به العلامة في بعض كتبه ، نظرا إلى ظاهر الآية الدال عليه ، والأشهر العدم حملا للآية على الإرشاد.
(ذلِكَ) أى الحكم الذي تقدم أو إحلاف الشاهدين قاله القاضي (أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها) أقرب أن يأتوا بها على الوجه الذي حملوها من غير تحريف وخيانة فيها (أَوْ يَخافُوا) عطف على يأتوا ، أي أو أن يخافوا (أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ) إلى أولياء الميت فيحلفوا ويفتضحوا بظهور خيانتهم ويغرموا ، فربما لا يحلفون إذا كانوا كاذبين ، ويتحفظون في الشهادة مخافة رد اليمين إلى المستحق عليهم. قال القاضي (١) : وانما جميع الضمير لأنه حكم يعم الشهود كلهم ، وهذا تصريح منه بأن المراد الشهود لا الأوصياء.
(وَاتَّقُوا اللهَ) أن تحلفوا أيمانا كاذبة أو تخونوا (وَاسْمَعُوا) ما توصون به بسمع اجابة (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) إلى طريق ثوابه وجنته ، بمعنى أنه يتركهم وأنفسهم حتى لا يختاروا تلك الهداية فيصير مآلهم النار.
***
ولنتبع هذا البحث بالنظر في حال الأولاد وحفظ أموالهم وهو البحث عن اليتامى وفيه آيات :
الاولى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً). (النساء ـ ٢)
(وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) أمر تعالى المكلفين الذين بأيديهم أموال اليتامى أن يدفعوا إليهم أموالهم أول بلوغهم لكن بعد إيناس الرشد منهم ، وإطلاق اليتامى عليهم لقرب عهدهم بالصغر وفيه إشارة إلى أنه ينبغي الدفع إليهم أول البلوغ من غير تأخير قبل زوال هذا الاسم في الظاهر عنهم ، ويجوز أن يراد بهم الصغار كما هو الظاهر من
__________________
(١) البيضاوي ج ٢ ص ١٧٤ ط مصطفى محمد.