وقد تظافرت أخبارنا فيما قلناه ، وهل يكفي بلوغ أربع عشرة سنة؟ قيل نعم وهو اختيار بعض أصحابنا محتجا برواية (١) أبي حمزة عن الباقر عليهالسلام قلت له : جعلت فداك في كم تجري الاحكام على الصبيان؟ قال : في ثلاث عشرة وأربع عشرة سنة. قلت : وان لم يحتلم؟ قال : وان لم يحتلم فإن الأحكام تجري عليه. وفي طريق الرواية عبد الله بن جبلة (٢) وحاله غير خفية.
على أن جريان الاحكام عليه بمعنى التحفظ على سبيل الاحتياط للتمرين عليها والاعتقاد لها ، فلا يقع منه عند البلوغ الإخلال بشيء منها. وبالجملة الأصل عدم لحوق الاحكام والتكاليف لهذا الصبي إلا بدليل شرعي محقق يقطع العذر ، وهو غير معلوم على ذلك التقدير ، والرواية لا يقطع العذر ، ويمكن حملها على ما قلناه.
ويمكن الاستدلال عليه أيضا ، بأن ظاهر القرآن اقتضى البلوغ ببلوغ حد النكاح ، وفي موضع آخر بلوغ الحلم ، فيثبت البلوغ معهما ولا يعلمان الا ببلوغ خمسة عشر سنة في الذكر والتسع في الأنثى ، فيبقى الباقي تحت العدم.
وفي الآية دلالة على ان الابتلاء قبل البلوغ ، لأنه تعالى سماهم يتامى وانما يصدق عليهم هذا الاسم قبل البلوغ لا بعده على ما عرفت ، ولانه تعالى مد اختبارهم الى البلوغ بلفظ حتى ، فدل على ان الاختبار قبله. ولأن تأخير الاختبار الى ما بعد
__________________
(١) انظر جامع احاديث الشيعة أبواب المقدمات باب اشتراط التكليف بالبلوغ الحديث ١٢ ص ٩٧ الرقم ٦٨٥ رواه عن التهذيب ج ٢ ص ٩٤ وهو في ط النجف ج ٦ ص ٣١٠ بالرقم ٨٥٦.
(٢) حيث كان واقفيا ولكن وثقه النجاشي انظر ص ١٦٠ ط المصطفوى ومع ذلك فليس الحديث منحصرا بذلك بل الأحاديث بذلك كثيرة جدا انظر جامع احاديث الشيعة أبواب المقدمات الباب ١١ من ص ٩٦ ـ ٩٨ والوسائل الباب ٤ من أبواب مقدمة العبادات ص ٧ ـ و ٨ ط الأميري ومستدرك الوسائل ج ١ ص ٧ و ٨.
وفي الاخبار ما هو صحيح وما هو موثق وما هو حسن الا انها مخالفة لفتوى المشهور ولا يمكنني الاعراض عن مفاد هذه الاخبار الكثيرة ومع ذلك لا اجترئ على مخالفة المشهور فمراعات الاحتياط في المسائل المرتبطة بالبحث عندي أولى وأحرى والله تعالى اعلم.