البلوغ يؤدي الى الإضرار بسبب الحجر على البالغ الرشيد ، لأن الحجر يمتد الى ان يختبر ويعلم رشده ، كما دل عليه قوله (فَإِنْ آنَسْتُمْ) فان أبصرتم (مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) من غير تأخير [والاختبار قد يطول شأنه بسبب العلم بالرشد].
والظاهر أن هذا مما لا خلاف فيه بين أصحابنا ، وهو قول الحنفية ، وقال بعض أصحابنا ، وتبعهم الشافعية : لا دلالة لها عليه ، فان الأمر بالابتلاء لا يدل على الصحة بوجه بل غاية استبعاده بما به الابتلاء ما كونه صحيحا أمر فهو حال عن مقتضاه] وذهب بعضهم إلى أن الاختبار بعد البلوغ نظرا إلى أنه تعالى أوجب دفع أموالهم إليهم بعد إيناس الرشد فلو كان الابتلاء قبله لما جاز ذلك ، فكيف الوجوب؟ وفيه نظر لأن دفع المال إليهم بعد إيناس الرشد لا يقتضي كون الابتلاء بعد البلوغ لجواز أن يكون قبله إلى أن يعلم الرشد ويتحقق البلوغ فيدفع إليه وهو الظاهر من الآية كما قلناه وقد يستدل بالاية على أن تصرفات الصبي العاقل المميز بإذن الولي صحيحة لأن الابتلاء المأمور به قبل البلوغ وهو انما يحصل إذا اذن له الولي في البيع والشراء ونحوهما ، ليحصل الغرض المقصود من الاختبار والى هذا يذهب الحنفية.
وقالت الشافعية لا دلالة لها عليه فان الاذن في التصرف لو توقف الابتلاء عليه لجاز دفع المال إليه حينئذ وهو لا يصح إلا بالشرطين وعلى هذا ، المراد الابتلاء حسب حاله من البيع والشراء ونحوهما بحضوره ، ثم باستكشاف ذلك البيع والشراء منه وما فيهما من المصالح والمفاسد ليعرف بذلك مقدار فهمه وعقله ، ثم الولي بعد ذلك يتمم العقد وفيه نظر [وللبحث من الطرفين مجال].
والمراد بايناس الرشد ما عرفته سابقا من حصول ملكة تقتضي إصلاح الحال وعدم التضييع في المال [واحترزنا بالملكة عن مطلق الكيفية ، فإنها ليست كافية بل لا بد من أن يصير ملكة] ولا يعتبر فيه زيادة على ذلك عند أكثر أصحابنا.
واعتبر الشيخ فيه العدالة ، وهو قول الشافعي وجماعة من العامة نظرا الى