قوله (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) والفاسق موصوف بالغي لا بالرشد ، قال تعالى (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) مع أنه كان يراعي مصالح الدنيا على الوجه المعتبر. وبأن الفاسق سفيه ، لما روي (١) عنه صلىاللهعليهوآله «ان شارب الخمر سفيه» ، ولا قائل بالفرق وقد قال تعالى (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) الآية.
وفيه نظر ، فإنه موصوف بالغيّ في دينه وبالرشد في ماله ، ومناط دفع المال اليه الرشد فيه لا في دينه [إذ هو المفهوم عرفا من الرشد ، وهو المعتبر عند انتفاء الحقيقة الشرعية] ويؤيده ان العدالة لا تعتبر في الرشد دواما ، فإنه لو فسق لم يحجر عليه في ماله إجماعا فلا يعتبر في الابتداء ، ولأن الحجر عليه انما كان بحفظ ماله وحراسته من التلف بالتبذير ، فإذا كان هذا الحفظ والحراسة للمال حاصلا فيه لم يكن للحجر عليه في المال وجه.
[ولأن الرشد نكرة في سياق الإثبات ، فلا يفيد العموم في كل ما يصلح له بل يصدق في صورة ، ولا ريب في ثبوته لمن أصلح ماله وان فسق في دينه] والسفه الذي في الحديث غير السفه الذي في الآية (٢).
واعلم ان الشيخ وان اعتبر العدالة في الابتداء ، لكنه صرّح في الخلاف و«المبسوط» بأنه إذا صار فاسقا لكنه غير مبذر فان الأحوط أن يحجر عليه ، فجعله أحوط وان لم يوجبه. ويتوجه عليه ان العدالة ان كانت شرطا في الابتداء كانت شرطا في الاستدامة أيضا ، لوجود المقتضي ـ فتأمل.
__________________
(١) ظاهر تعبير المصنف ان الحديث نبوي مع ان مضمون هذا الحديث مروي عن الأئمة في اخبار كثيرة انظر نور الثقلين ج ١ من ص ٣٦٦ ـ ٣٦٨ والبرهان ج ١ من ص ٣٤١ ـ ٣٤٣ وفي أكثر أخبار الباب الاستشهاد بآية ولا تؤتوا السفهاء أموالكم والتعبير بأن أي سفيه أسفه من شارب الخمر وفي المجمع ج ٢ ص ٨ عن ابى عبد الله قال ان السفيه شارب الخمر وانظر أيضا العياشي تفسير آية المداينة ٢٨٢ من سورة البقرة.
(٢) وقد عرفت ان احاديث الباب انما ورد في تفسير الآية وان الامام (ع) استشهد بالآية للحكم بسفه شارب الخمر.