على أنفسهم ، وقد يوافقه قوله (الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) اي تقومون بها وتعيشون ، أو بها قوام معاشكم. وعلى الأول يراد بها انها من جنس ما يقيم الناس به معايشهم كقوله (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) وهذا هو الأرجح. وفي إطلاق القيام على ما به القيام مبالغة ، فإنهم لو ضيعوها ضاعوا ، فكأنها في أنفسها قيامهم وانتعاشهم.
(وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ) واجعلوها مكانا لرزقهم وكسوتهم ، وذلك بأن يتجروا فيها ويحصلوا من نفعها ما يحتاجون إليه في أمر المعاش. ولعل الوجه في التعبير بذلك دون منها لئلا يكون امرا بجعل بعضهم أموالهم رزقا لهم فيأكلها الإنفاق.
(وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) عدة جميلة تطيب بها نفوسهم ، مثل : ان صلحتم ورشدتم سلمنا إليكم أموالكم. وظاهر الآية ان السفه بمجرده علّة لثبوت الحجر عليه ومنعه من التصرف ، كما يقتضيه تعليق الحكم على الوصف الصالح للعلية ، فمتى ثبت الحجر كانت تصرفاته المالية باطلة ولا يجوز تسليم ماله اليه ولا الأخذ منه ، ولا يتوقف في ثبوته على حكم الحاكم والألم يكن السفه وحده علة.
وهذا مما لا ريب فيه إذا اتصل سفهه ببلوغه بأن بلغ سفيها ، فان حكم الحاكم لا يحتاج إليه في الحجر ولا في زواله عنه ، وقد ادعى بعضهم على ذلك الإجماع. وادعى الشهيد في شرح الإرشاد ان السفيه هنا مختص بالسفيه المتصل سفهه ببلوغه.
وعلى هذا فلا ينافي الاحتياج الى حكم الحاكم فيما لو بلغ رشيدا ثم عاد الى السفه ، فان حكم الحاكم لازم في ثبوت حجره ولا يصير محجورا عليه الّا به ، لأن نظر الحاكم أتم من غيره. كما أن مجرد الفلس لا يوجب الحجر ، فان مجرد زيادة الدين على المال ليس بحجر ولا موجب له ، وانما يصير المفلس محجورا عليه بحكم الحاكم لأن العقل والنقل دلّا على جواز تصرف العقلاء في أموالهم خرج منه ما لو انضم اليه حكم الحاكم ، للإجماع المنعقد على حصول الحجر هناك ولا دليل على غيره ، فيبقى على الأصل.
لكن يبقى الإشكال في أن ما ذكر يتم في المفلس ، أما السفيه فظاهر الآية ان السفه بمجرده علة الحجر من غير فرق بين عروضه في الأثناء أو في أول الأمر كما يعطيه العموم ، فالتخصيص يحتاج الى دليل ، والإجماع هنا غير ثابت ، فان بعضهم