(وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) عابد الصنم ، لأن الله تعالى رزقه المال فهو ينفق من ذلك المال على نفسه وعلى اتباعه سرا وجهرا.
إذا ثبت هذا فنقول : هما لا يستويان في بديهة العقل في القدرة والتصرف ، إذ الأول جماد والثاني انسان ، فكيف يجوز الحكم بأن الأول مساو لرب العالمين. والقياس التثنية لكنه جمع لأن المراد الجنس لا الاثنان بخصوصهما ، أي هل يستوي الأحرار والعبيد.
واستدل بظاهرها على أن العبد القن لا يملك شيئا ، فإنه جعله قسيما للحر المالك ، فاقتضى ذلك عدم ملكه والا لم يثبت الامتياز حينئذ ، أو لأنه تعالى نفى القدرة عنه مطلقا ، وليس المراد الحقيقة لبطلانه ضرورة ، فيكون المراد نفي التملك لأنه أقرب المجازات إلى الحقيقة ، ولأنه نفي على العموم كما هو مفاد النكرة بعد النفي.
وربما استدلوا عليه بقوله تعالى (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) نفى تعالى أن يشارك العبد مولاه في شيء البتة ، فكأنه تعالى قال إذا لم يشارك عبد احد مولاه في ملكه فيساويه فكذلك لم يشاركني في ملكي أحد فيساوينى فيه فثبت أن العبد لا يملك شيئا.
وفيه نظر ، فإن أقصى ما تدل عليه الآية ان هاهنا عبدا مملوكا لا قدرة له على شيء وعبدا مملوكا قادرا على شيء في الجملة ، ولا يلزم منه أن العبد المملوك في نفسه لا يملك شيئا ولو بغير الاختيار أو بتمليك المولى أو نحوه ، إذ يجوز أن يكون ذلك الغير القادر عبدا عاجزا لم يملكه المولى شيئا أو لم يأذن له أو لم يضرب له ضريبة أو يكون عدم القدرة كناية عن عدم نفوذ تصرفاته في شيء أصلا لا عدم الملك ، إذ لا منافاة بين الملكية وكونه محجورا عليه كالصبي.
ويمكن توجيه الاستدلال بأن الوصف هنا للبيان والكشف بأن المملوك من لا يكون قادرا على شيء ، فيكون حال المملوك ذلك كما هو شأن الوصف الكاشف ، الا أن كون الوصف هنا كذلك غير معلوم ، مع ان في الآيات ما يدل على قابليته للملكية كقوله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ