به ، فان الواجب في ذلك الاقتصاد والتوسط على وجه يناسب الحال.
أو على ان المراد الصرف في المعصية ولو درهم واحد فإنه تبذير ، ونقله الشيخ في التبيان والطبرسي في المجمع عن مجاهد أنه قال : لو أنفق مدا في باطل كان مبذرا ولو أنفق جميع ماله في الحق لم يكن مبذرا.
(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) أمثالهم في الشرارة ، فان التضييع والإتلاف شرّ أو اصدقائهم واتباعهم لملازمتهم آثارهم وجريهم على سنتهم في الإسراف والتضييع (وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) مبالغا في الكفر ، فالواجب عليكم التبعد عنه وعدم إطاعته في التبذير.
الثالثة : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ) (النحل ـ ٧٥).
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً) أي لا حرا ، فان جميع الناس عبيد الله فلا يلزم من كونه عبدا كونه مملوكا (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) أي من امره ، فلا يتصرف في أموره ، ولا يقدر على الإنفاق لعجزه ، يخرج العبد المأذون والمكاتب فإنهما يقدران على التصرف.
(وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) من فيه موصوفة والتقدير وحرا رزقناه وملكناه مالا ونعمة (فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً) على أي وجه أراد لتمام القدرة عليه (هَلْ يَسْتَوُونَ) في ذلك ، والاستفهام للإنكار ، أي يمتنع استواؤهم.
مثّل تعالى ما يشرك به من الأصنام وغيرها بالعبد المملوك العاجز عن التصرف بالكلية ، ومثل نفسه بالحر المالك الذي رزقه الله مالا كثيرا ، فهو يتصرف فيه وينفق كيف يشاء ، واحتج بامتناع التسوية بينهما مع تشاركهما في الجنسيّة والمخلوقية على امتناع التسوية بين الأصنام التي هي أعجز المخلوقات لكونها جمادا لا تعقل ولا تتحرك وبين الله الغني على الإطلاق [القادر على كل شيء الرازق لجميع الخلق].
وقيل هو تمثيل للكافر والمؤمن ، فإن الكافر لا خير عنده والمؤمن يكسب الخير وقيل المراد من العبد هو الصنم ، أما انه عبد فلقوله تعالى (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) ، وأما انه مملوك لا يقدر على شيء فظاهر. والمراد بقوله