واحتج السيد على قوله بأنّه ليس المراد بالخير المال ولا حسن التكسب ، فإنه لا يسمى الكافر والمرتد إذا كانا موسرين بأن فيهما خيرا ويسمى ذو الايمان خيرا وان لم يكن موسرا فالحمل عليه أولى. ودفعه ظاهر مما ذكرناه.
ومقتضى المفهوم عدم استحباب الكتابة أو عدم وجوبها مع عدم الخير ، ولا يلزم من عدمه عدم الجواز ، [إذ لا يلزم من توقف الأمر بها على شرط توقف إباحتها عليه] فيجوز كتابة العبد الكافر ، وهو الظاهر من أكثر الأصحاب ، وقد يظهر من بعضهم المنع [لما سيذكر من الإيتاء فإن المراد به الزكاة أو الصلة ، والكافر لا يستحق شيئا ، منها : أما الزكاة فظاهر ، واما الصلة فهي موادة له وهي منهيّ منها بقوله (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ) الآية].
وفيه نظر [فإن الإيتاء من مال الزكاة الواجبة مشروط بالعجز المقتضى للاستحقاق فهو راجع الى اشتراط استحقاقه فلما منع وخصّص بالمحتاج لدليل جاز أن يخص بالمسلم ، للدليل الدال على عدم جواز دفع الزكاة إلى الكافر. وأما استلزام إعانته الموادة فممنوع ، إذ الظاهر من المنع عن موادته من حيث كونه محاد الله لا مطلقا ، والمحرم موادتهم على وجه اللطف ، وهو غير ظاهر].
(وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) الظاهر أنه أمر للموالي كما قبله ، لكون الخطاب معهم بأن يبذلوا شيئا من أموالهم ، وفي معناه حط شيء من مال الكتابة عنهم والأكثر على انه غير مقدر بقدر بل يحصل الامتثال بأقل متمول ، وبعضهم قدره بالربع وقيل بالسبع ، وهما بعيدان.
وظاهر الشيخ في المبسوط أنه واجب ، نظرا الى ظاهر الأمر ، ونقل عن جماعة من أصحابنا استحبابه ، وأطلق الشافعية وجوبه والحنفية استحبابه كما في هذين القولين.
وقال الشيخ في الخلاف : إذا كاتب عبده وكان السيد يجب عليه الزكاة وجب ان يعطيه شيئا من زكاته يحتسب به من مال مكاتبته ، وان لم يكن ممن وجب عليه الزكاة كان ذلك مستحبا غير واجب ، ونقل عن الشافعية الوجوب مطلقا ، وعن الحنفية الاستحباب مطلقا ، ودفع الوجوب على تقدير عدم وجوب الزكاة عليه بأصالة عدم