وعلى اعتبار الأجل فلا بد من ضبطه بما لا يحتمل الزيادة والنقصان لأجل النسيئة ولا فرق عندنا بين كونها معلقة على أجل واحد أو أكثر ، لحصول الغرض بكل منهما ، ولإطلاق الآية الصادق على كل منهما ، وحتم الشافعية تعدد الأجل ، وهو بعيد ولا فرق بين كون المال قليلا أو كثيرا عينا أو منفعة.
وظاهر الآية أن غير المكلف لا يصح منه الكتابة ، لأن قوله «كاتبوهم» خطاب فلا يتناول الا المكلف ، والى هذا يذهب أصحابنا والشافعية ، وجوّز أبو حنيفة ان يكاتب الصبيّ بإذن الولي ، والآية حجة عليه.
(إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) دينا وأمانة ، وهو اختيار السيد المرتضى ، أو كسبا وامانة وهو اختيار الشيخ ، وقريب منه قول بعضهم انه الديانة والمال. وقد فسر الخير بهما لإطلاقه على الأول في مثل قوله تعالى (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) ، (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) الآية [فإن المراد بالخير فيها العمل الصالح وهو الدين] وعلى الثاني في مثل قوله تعالى (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) و (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) ، فالحمل عليهما أولى بناء على جواز حمل المشترك على كلا معنييه اما مطلقا أو مع القرينة ، وهي موجودة هنا كصحيحة الحلبي (١) عن الصادق عليهالسلام في قول الله عزوجل (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً). فقال : ان علمتم فيهم دينا ومالا.
ولكن قد روى الكليني (٢) صحيحا عنه عليهالسلام في الآية قال : ان علمتم فيهم مالا ، بغير ذكر الدين. ويمكن أن يجاب عنه بأن المثبت مقدم ، وبأنها زيادة من العدل وهي مقبولة كما ثبت في محله.
__________________
(١) التهذيب ج ٨ ص ٢٧٠ بالرقم ٩٨٤ والكافي ج ٢ ص ١٣٦ باب المكاتب الحديث ١٠ وهو في المرات ج ٤ ص ٣٩.
(٢) الكافي ج ٢ ص ١٣٦ باب المكاتب الحديث ٩ وهو في المرات ج ٤ ص ٣٩ ورواه في التهذيب أيضا بسند أخر مع تفاوت ج ٨ ص ٢٦٨ بالرقم ٩٧٥ وبسند غير ما في التهذيب وغير ما في الكافي في الفقيه ج ٣ ص ٧٣ بالرقم ٢٥٦ وقد حكم المصنف بصحة حديث الكافي وفي طريقه إبراهيم بن هاشم وقد عرفت غير مرة انه كذلك وان حكم المجلسي فيه بالحسن.