الرجل إذا كانا صالحين لأجل فقرهما وقلة ذات أيديهما ، فإنهم وان كانوا كذلك فان الله يغنيهم من فضله فإنه تعالى واسع المقدور كثير الفضل عليهم بأحوالهم وبما يصلحهم ، فهو يعطيهم على قدر ذلك. ثم قال : وقال قوم معناه ان يكونوا فقراء الى النكاح يغنهم الله بذلك عن الحرام ـ انتهى.
ولا شك أن الظاهر الأول ، وفيه إشارة الى أن في فضل الله غنية لهم عن المال ، إذ هو غاد ورائح وفضل الله ثابت لا يزول. وقيل ان الكلام وعد بالاغناء مع النكاح لقوله (١) صلىاللهعليهوآله «اطلبوا الغنى في هذه الآية». ويؤيده ما رواه الكليني (٢) عن عاصم بن حميد قال : كنت عند ابى عبد الله صلىاللهعليهوآله ، فأتاه رجل فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج وذكر الآية ـ الحديث. والاخبار في ذلك كثيرة (٣).
وجعل في الكشاف (٤) ذلك مشروطا بمشيئة الله تعالى حيث قال : ينبغي أن يكون شريطة الله غير منسيّة في هذا الوعد ونظائره وهي مشيئته ، ولا يشاء الحكيم الا ما اقتضته الحكمة وما كان فيه المصلحة ونحوه (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ).
وقد جاءت الشريطة منصوصة في قوله (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ) والمطلق محمول على المقيد ، ومن لم ينس هذه الشريطة لم ينتصب
__________________
(١) رواه في الطبري ج ١٨ ص ١٢٦ عن ابن مسعود موقوفا ورواه عن الطبري ابن كثير ج ٣ ص ٢٨٦ وفي الدر المنثور ج ٥ ص ٤٥.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٥ باب ان التزويج يزيد في الرزق الحديث ٦ وهو في المرات ج ٣ ص والحديث طويل أخذ المصنف موضع الحاجة وهو في الوسائل الباب ١١ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٥ ج ٣ ص ٥ ط الأميري.
(٣) انظر الوسائل ج ٣ ص ٥ ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٥٣٤ ونور الثقلين ج ٣ ص ٥٩٥ الى ٦٠٠ والبرهان ج ٣ ص ١٣٢ والدر المنثور ج ٥ ص ٤٤ و ٤٥ والطبري ج ١٨ ص ١٢٦ وابن كثير ج ٣ ص ٢٨٦.
(٤) الكشاف ج ٣ ص ٢٣٥ وأطال الكلام في رد الزمخشري أحمد بن المنير الاسكندرى في الانتصاف المطبوع ذيل الكشاف لكنه أرعد وأبرق ولم يأت بشيء.