حملها على الاستحباب. وفيه ان ذلك كاف من أول الأمر ، وقد يقال ظاهر الأول الاستحباب وهو كاف في حمل باقي الأدلة عليه. وقد يدل على الاستحباب قوله تعالى (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) والواجب لا يكون بهذه المثابة.
ثم قال : وربما كان واجب الترك إذا أدى الى معصية ومفسدة ، وعن النبي صلىاللهعليهوآله «إذا أتى على أمتي مائة وثمانون سنة فقد حلت لهم العزبة والعزلة والترهب على رؤس الجبال (١)» وفي الحديث «يأتي على الناس زمان لا تنال فيه المعيشة الا بالمعصية فإذا كان ذلك الزمان حلت العزوبة» (٢) ـ انتهى. وفيه دلالة على أنّ ما يتوقّف عليه الحرام حرام كما أن ما يتوقف عليه الواجب واجب ولبعض العلماء في ذلك نزاع.
وقد يستدل بظاهرها على أن العبد والأمة لا يستبدان بالنكاح من دون اذن المولى ، إذ لو استبدا لما أمر المولى بانكاحهما ، بل ظاهرها يعطي استقلال الأولياء والآباء في النكاح وان كانت المولى عليها بالغة ، ومن هنا ذهب الشافعي إلى جواز تزويج البكر البالغة بدون رضاها لعموم الآية. ورد بأن الأيامى شامل للرجال والنساء ،
__________________
(١) رواه مرسلا أبو الفتوح باللفظ الفارسي ج ٨ ص ٢١٠ وأخرجه في الكشاف ج ٣ ص ٢٣٥ قال ابن حجر أخرجه البيهقي والثعلبي من حديث ابن مسعود وفي إسناده سليمان بن عيسى الخراساني وهو كذاب وأخرجه الذهبي في ميزان الاعتدال ج ٢ ص ٢١٨ الرقم ٣٤٩٦ ترجمة سليمان بن عيسى ابن نجيح السجزي وابن حجر في اللسان ج ٣ ص ٩٩ الرقم ٣٣٣ واللفظ فيهما إذا أتت على أمتي ثلاث مأة وثمانون سنه.
وأصل الحديث موضوع فان سليمان بن عيسى راويه هالك خبيث كذاب وضاع للحديث ترى ترجمته في الميزان واللسان الموضع المتقدم والجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثاني ص ١٣٤ الرقم ٥٨٦ وتنزيه الشريعة عن الاخبار الشنيعة ج ١ ص ٦٥.
وقريب منه في المضمون حديث أخر أيضا موضوع : لأن يربي أحدكم بعد ستين ومائة جر وكلب خير له من ان يربى ولدا لصلبه ، صرح بوضع الحديث السيوطي في اللآلي المصنوعة ج ٢ ص ١٧٨ والكناني في تنزيه الشريعة ج ٢ ص ٢١١.
(٢) الكشاف ج ٢ ص ٢٣٥ قال ابن حجر وفي إسناده محمد بن يونس الكديمي وهو ضعيف.