لكن هذا يتوقف على ورود الدليل عليه بخصوصه ، وكونه مما يصح تخصيص القرآن به والا كان على المنع.
الخامسة (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) (المائدة ـ ٥).
(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) سيجيء الكلام في تفسير هذه مفصلا.
(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ) الحرائر أو العفائف من المؤمنات ، أي أحل لكم نكاحهن ، وتخصيصهن بعث على ما هو الاولى في أمر النكاح (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي أحل لكم نكاحهن أيضا.
ظاهر الآية انه لا فرق في أهل الكتاب بين الحربي منهم والذمي لشمول الاسم لهما ، ومن ثم قال القاضي وان كن حربيات ، ونقل عن ابن عباس عدم الحل في الحربيات ، ولعل وجهه انها قد تسترق وهي حامل فيسترق الولد معها ولا يقبل قولها في حبله من مسلم ، وفيه ان هذا انما يفيد تأكد الكراهة.
(إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) وتقييد الحل بإتيان المهور لتأكيد وجوبهن لا لأن الحل ينتفي مع عدم الإيتاء. ويمكن أن يكون المراد بايتائهن التزام مهورهن.
ومقتضى الآية ان نكاح الكتابية حلال ، واليه ذهب أكثر العلماء ، وقال به جماعة من أصحابنا ، ولا ينافيه قوله تعالى (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) على ما سيجيء لأن الظاهر من المشرك غير الكتابي ، ولو سلم دخوله فيه فهي عامة وهذه خاصة فتخصص بها. وفي الكشاف ان قوله (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) منسوخ بقوله (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) نظرا الى ان سورة المائدة كلها ثابتة لم ينسخ منها شيء قط على ما سلف مرارا.
وفيه نظر ، إذ النسخ فرع التنافي ولا تنافي بين العام والخاص فلا وجه للنسخ بل التخصيص لازم. نعم في قوله تعالى (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) دلالة على المنع من نكاح الكافرة وان كانت كتابية ، فتنافي الآية المذكورة. ومن ثم ذهب بعض