(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) غنى واعتلاء ، وأصله الفضل والزيادة ، ويقال لفلان عليّ طول أي زيادة وفضل ، ومنه الطول في الجسم لأنه زيادة فيه كما أن القصر قصور فيه.
وقوله (أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ) في موضع النصب به ، أو بفعل مقدر صفة له ، أي ومن لم يستطع منكم ان يعتلى نكاح المحصنات ، أو من لم يستطع غنى يبلغ به نكاح المحصنات ، يعنى الحرائر المسلمات (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي فليتزوج من جنس ما ملكتم (مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) والمراد إماء الغير المسلمات ، لأن الإنسان لا يجوز له أن يتزوج بجارية نفسه ، يعني يجوز التزوج بهن مع عدم استطاعة الطول لنكاح الحرة.
ومن احتمل في الآية أن يكون المعنى : فمن لم يقدر على نكاح المسلمة الحرة فليأخذ الإماء سراري ، فقد أبعد.
وقد نبه عليه الشيخ في الخلاف حيث قال : فان قالوا معنى قوله (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ) أراد به الوطي فيهما ، فكأنه قال من لم يقدر على وطء حرة وطئ أمة بملك اليمين وهكذا نقول. قلنا هذا فاسد من ثلاثة أوجه : الأول : ليس من شرط جواز ملك اليمين عدم القدرة على وطي الحرة والثاني أن قوله (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) يمنع من الحمل على وطى ملك اليمين والثالث أنه قال أخيرا (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) وليس من شرط جواز ملك اليمين ذلك ـ انتهى ، وهو جيد.
والظاهر أن الخطاب للاحرار ، فلا يجري هذا الشرط في العبد ، بل يباح له نكاح الأمة وان قدر على الحرة بلا خلاف بينهم.
[وتقييد الإماء بالمؤمنات ظاهر فإنه لا يجوز نكاح الأمة الكافرة بوجه لاجتماع الرق والكفر فيها ، وذلك نقصان في الغاية. وقيل بالجواز وان مفهوم الوصف لا حجة فيه ، أو يحمل على الأفضلية ، كما أن تقييد المحصنات بالمؤمنات كذلك ، إذ يجوز نكاح المحصنة الكتابية كما مر في قوله تعالى (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ).
والقولان مبنيان على جواز نكاح الكافرة الكتابية وعدمه. وفرق بعض الشافعية