ما قلناه واخترناه ـ انتهى كلامه.
ويمكن أن يقال في رد الاستدلال بالآية على التحريم في الصورة المذكورة : انا لو سلمنا أن النكاح في الشرع يطلق على الوطء فلا كلام في أنه يطلق على العقد أيضا ، كما ورد في قوله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى) ، (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) و (إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ) ، «النكاح سنتي» ، ولا شك أن الوطي من حيث أنه وطي ليس سنة له ، وقوله «ولدت من نكاح لا من سفاح» وان لم نقل بثبوت الحقائق الشرعية ولم نقل باختصاص النكاح بالعقد في عرف الشرع.
وكفى بهذا تصريح صاحب الكشاف عند قوله (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) ان النكاح في القرآن لم يجئ إلا بمعنى العقد ، وحينئذ فحمل الآية على الوطي ليس أولى من حملها على العقد ، بل الظاهر الثاني لإجماع المفسرين على أن سبب النزول هو العقد لا الوطي ، فكيف يستدل بها على التحريم في الصورة المخصوصة.
وعلى هذا فاستدلال العلامة (١) بالآية على تحريم الزانية على ابن الزاني لا يخفى ما فيه لظهور النكاح في العقد أيضا. وما أجاب عنه في المختلف من استعمال النكاح في الوطي كثيرا لا يدل على أنه مراد هنا كما لا يخفى.
ويمكن الاستدلال على التحريم في الصورة المذكورة بالأخبار السابقة الدالة على النهي ولعل إنكار ابن إدريس ذلك بناء على أصله ـ فتأمل.
ثم انه على تقدير كون المراد به العقد ، فالمشهور بين أصحابنا انه لو سبق العقد من الأب على امرأة ثم زنى بها ولده لم تحرم على الأب وان لم يدخل بها ، وعلى هذا أكثر علمائنا. وشرط ابن الجنيد في إباحتها للأب الوطي بعد العقد ، فلو عقد ولم يدخل فزنى الابن بها حرمت على الأب ابدا أما لو دخل بها لم تحرم ، محتجا عليه بظاهر قوله (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ) ولا فرق بين الأب والابن عند أحد. ويؤيده من الاخبار ما رواه عمار عن الصادق عليهالسلام وقد تقدم.
__________________
(١) انظر المختلف الجزء الرابع كتاب النكاح ص ٧٥ ط الشيخ أحمد الشيرازي ١٣٢٤.