والجواب أن الظاهر من النكاح العقد كما عرفت ، ولا أقل من احتماله فتكون مجملة ، فلا يصح التمسك بها في شيء والحرام لا يحرم الحلال ، كما اشتهر في الاخبار والتقييد بالوطي في الحديث لا يدل على نفى الحكم فيما عداه ، إذ هو استدلال بمفهوم اللقب وهو ضعيف عند المحققين فتأمل.
(إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) استثناء من المعنى اللازم للنهي وهو العقاب ، كأنه قيل تستحقون العقاب بنكاح ما نكح آباؤكم إلا النكاح الذي قد سلف قبل نزول هذه الآية فإنه معفوّ عنه لا عقاب فيه. ويمكن أن يكون استثناء من اللفظ كما استثني «غير أن سيوفهم» في قوله (١) :
__________________
(١) إشارة إلى بيت النابغة الذبياني في قوله :
ولا عيب فيهم غير ان سيوفهم |
|
بهن فلول من قراع الكتائب |
استشهد به في المغني لاستعمال بيد ويقال ميد بالميم بمعنى غير وروى البيت بيدان سيوفهم ورواه غيره غير ان سيوفهم واستشهد بالبيت السيد عليخان المدني قدسسره في أنوار الربيع ص ٧١٥ وابن حجة الحموى في خزانة الأدب ص ٤١٩ وحاشية الدسوقى على المختصر ج ٢ ص ٦٤٠ والمختصر والمطول كتاب البديع في تأكيد المدح بما يشبه الذم من المحسنات البديعية.
وهذا النوع من مستخرجات ابن المعتز وتأكيد المدح فيه من جهتين إحداهما كدعوى الشيء ببينة لأنه علق نقيض المطلوب وهو إثبات شيء من العيب بالمحال وهو كون الفلول من العيب مع ان الفول كناية عن كمال الشجاعة فهو في المعنى تعليق بالمحال كقولهم حتى يبيض القار وحتى يلج الجمل في سم الخياط والمعلق بالمحال محال فعدم العيب ثابت.
والثانية ان الأصل في الاستثناء ان يكون متصلا لان الاستثناء المنقطع مجاز فذكر كلمة الاستثناء يوهم السامع ان ما يأتي بعدها مخرج مما قبلها فإذا أتت بعدها صفة مدح وتحول الاستثناء من الاتصال الى الانقطاع أشعر بأنه لم يجد صفة ذم حتى يثبتها فاضطر الى صفة مدح وتحويل الاستثناء من الاتصال الى الانقطاع مع ما فيه من نوع خلابة وتأخيذ للقلوب وإليك بيت بديعية السيد عليخانى المدني رفع مقامه.
ان شئت في معرض الذم المديح فقل |
|
لا عيب فيهم سوى إكثار نبلهم |
ثم فلول السيف ثلمة ، والقراع المضاربة ، والكتائب جمع كتيبة الجماعة المستعدة للقتال.