(أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) أو تسمّوا وتعينوا لهنّ مهرا والظاهر أن أو بمعنى الواو كما يرشد اليه قوله فيما بعد (وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ) ويكون مفاد الكلام انّه لا تبعة عليكم في مهران طلّقتموهنّ قبل المسيس وقبل فرض المهر وتسميته فانّ الطّلاق قبل أحدهما فقط ليس بهذه المثابة إذ لو كانت ممسوسة فعليه المسمى أو مهر المثل ، ولو كانت غير ممسوسة ولكن سمّى لها فلها نصف المسمّى.
ويمكن أن يكون بمعناها على انّ المراد ان رفع الحرج منوط بعدم المسيس أو بعدم الفرض على سبيل منع الخلو فقط ، ولهذا صح اجتماعهما في هذا الحكم ويظهر من الكشاف والقاضي انّها بمعنى «الّا ان تفرضوا أو حتّى تفرضوا» ومرجعه ما ذكرناه.
وفي الآية دلالة واضحة على صحّة العقد من دون ذكر المهر مطلقا ، وجواز الطّلاق قبل تعيينه وانتصاب فريضة على انّه مفعول به وهي فعيلة بمعنى مفعول والتاء لنقل اللّفظ من الوصفيّة إلى الاسميّة ، ويحتمل انتصابه على المصدرية.
(وَمَتِّعُوهُنَّ) عطف على مقدّر دلّ عليه سياق الكلام أي فطلقوهنّ ومتّعوهن والمتعة والمتاع ما يمتّع به والأمر للوجوب عند أكثر العلماء وذهب مالك وجماعة من العامة إلى أنّه للاستحباب نظرا الى قوله في أخر الآية (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) فجعلها من باب الإحسان والواجب لا يكون كذلك ، وردّ بانّ لفظة «على» تشعر بالوجوب وكذا قوله حقا والإحسان يؤكده لا ينافيه.
(عَلَى الْمُوسِعِ) وهو الغنى الذي حاله في سعة لغناه (قَدَرُهُ) بفتح الدال وسكونها اى القدر اللّائق بحاله أو قدره مقداره الّذي يطيقه فانّ ذلك هو المختصّ به (وَعَلَى
__________________
ـ وفيه تكلف انتهى.
قلت وأورده في البرهان عند آية التيمم من سورة النساء ج ١ ص ٣٧١ وفي نور الثقلين عند آية التيمم من سورة المائدة ج ١ ص ٤٩٨ وقد ورد استعمال المس ، بمعنى الجماع أيضا في الكتاب العزيز الآية ٤٧ من سورة آل عمران (قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) ، والآية ٢٠ من سورة مريم (قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) وفي الآية ٣ و ٤ من سورة المجادلة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا).