قلت الصّحيح انّه العضو كلّه كما فسرت مواقع الزينة الخفيّة وكذا مواقع الزينة الظّاهرة الوجه موقع الكحل في عينه والخضاب بالوسمة في حاجبيه وشاربيه والحمرة في خديه والكف والقدم موقعا الخاتم والفتخة (١) والخضاب بالحنا وانّما تسومح في هذه المواضع لأنّ سترها فيه حرج فإنّ المرأة لا يجد بدّا من مزاولة الأشياء بيديها ومن الحاجة الى كشف وجهها خصوصا في الشّهادة والمحاكمة والنكاح وتضطر إلى المشي في الطرقات وظهور قدميها وخاصّة الفقيرات منهنّ وهذا معنى (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) أي إلّا ما جرت العادة والجبلة على ظهوره والأصل فيه الظّهور.
قلت مع قطع النظر عن تصحيح الضمير في قوله وشاربيه وحاجبيه ليس في شيء ممّا ذكره تقريب الى استثناء ما ذكره من المواضع فان استثناء الوجه بكونه موقع الكحل لا يخفى ما فيه إذ موقع الكحل العين فقط لا الوجه بتمامه الّا ان يريد ان موقع الكحل العين والخضاب بالوسمة الحاجب والحمرة الخد ومجموع الثلثة تمام الوجه.
لكن يبقى الكلام في انّ المراد بالزينة ما ذكره واحتمال ارادة الثّياب قائم كما ذكره بعضهم وكون هذه المواضع ممّا يضطر إليها في بعض الأحوال لا يوجب استثناءها من المواضع المحرمة اختيارا فانّ مع الضرورة يجوز إبداء الباطنة أيضا.
مع انّ في اعتبار العادة نظرا فإنّها ان أريد بها ما كانت في زمن الرّسول صلىاللهعليهوآله فغير معلومة وان أريد بها ما كانت الآن بالنّسبة إلى الفقيرات فهي أوسع ممّا ذكره لأنّهم قد يبدون الرقبة بل الصّدر والساقين فتأمّل واعتبار العادة الجبلّية غير معلوم انحصارها فيما ذكره بل الظاهر الزّيادة عليه.
والحق انّ الآية لا تخلو من إجمال والرّوايات أيضا مختلفة في ذلك ولا يبعد استثناء
__________________
(١) الفتخة بفتح التاء وسكونها خاتم يكون في اليد والرجل بفص وغير فص والجمع فتخ وفتوخ وفتخات وفتاخ قالت الدهناء : «تسقط منه فتخى في كمي» تريد ان زوجها إذا شال برجليها سقطت خواتيمها في كمها تريد بيان شدة ميلها الى الجماع.