ونقل العلامة في التذكرة عن بعض علمائنا جواز النظر الى وجه الرّجل وكفيه لأن الرّجل في حقّ المرأة كالمرأة في حقّ الرّجل قال وهو قول أكثر الشافعيّة واستدلّ برواية أم سلمة السابقة وفي دلالتها على ذلك نظر بل الظاهر منها العدم مطلقا.
ثمّ قال وقال بعضهم انّها تنظر الى ما يبدو منه عند المهنة دون غيره إذ لا حاجة اليه وقال بعضهم انّها تنظر الى جميع بدنه الّا ما بين السرة والركبة وليس كنظر الرّجل إلى المرأة لأنّ بدنها عورة في نفسه ولذلك يجب ستره في الصلاة ولأنّها استويا لأمر الرجل بالاحتجاب كالنّساء انتهى ولا يخفى ما فيه.
(وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) بالتستر وعدم الابداء على ما سلف أو عن الزنا ولعلّ تقديم غضّ البصر على حفظ الفرج لما انّ النظر رائد الفجور والبلوى فيه أشدّ وأكثر ولا يكاد يقدر على الاحتراس منهن.
(وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) اي مواضعها (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) وبعد الاستثناء يبقى الباطن فيجب عدم ابدائه للأجانب.
قال في الكشاف (١) : والزينة ما تزيّنت به المرأة من حلي أو كحل أو خضاب فما كان ظاهرا منها كالخاتم والفتخة والخضاب والكحل فلا بأس بإبدائه للأجانب.
ثم قال فذكر الزينة دون مواقعها للمبالغة بالتصون والتستر لأنّ هذه الزين واقعة على مواضع من الجسد لا يحلّ النظر إليها لغير المذكورين في الآية وهو الذّراع والساق والعضد والعنق والرّأس والصّدر والأذن فنهى عن إبداء الزينة نفسها ليعلم انّ النظر إذا لم يحل إليها لملابستها تلك المواقع ـ بدليل انّ النظر إليها غير ملابسة لها لا مقال في حلّه ـ كان النظر الى المواقع أنفسها متمكّنا في الحظر ثابت القدم في الحرمة شاهدا على انّ النّساء حقّهن ان يحتطن في سترها ويتّقين الله في الكشف عنها.
ثم قال بعد أسطر : فإن قلت ما المراد بموقع الزينة ذلك العضو كلّه أم المقدار الّذي يلابسه الزينة منه.
__________________
(١) الكشاف ج ٣ ص ٢٣٠.