ولعلّ المراد بأوان القدرة البلوغ الى حدّ المراهقة فلو كان مراهقا لم يجز له النّظر الى محل الزينة كغيره إذ هو في حكم البالغ فيبطل ما ذهب اليه بعض الشّافعيّة من جواز النّظر ما لم يبلغ نظرا الى ثبوت الحل فلا يرفع الا بسبب ظاهر وهو البلوغ.
(وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) ليتقعقع خلخالها فيعلم انّها ذات خلخال فان ذلك يورث ميلا في الرّجال وتحريكا في شهواتهم.
وفي الكشاف كانت المرأة تضرب برجلها ليتقعقع خلخالها فيعلم انّها ذات خلخال وقيل كانت تضرب بإحدى رجليها الأخرى ليعلم انّها ذات خلخالين قال وإذا نهين عن إظهار صوت الحليّ بعد ما نهين عن إظهار الحلي علم بذلك انّ النّهى عن إظهار مواضع الحلي أبلغ وأبلغ.
وبالجملة يستفاد منه ان كلّ ما يجري إلى الفتنة يجب الاحتراز عنه فانّ الرجل الّذي يغلب عليه الشهوة إذا سمع صوت الخلخال يصير ذلك داعيا له الى مشاهدتهن ومنه يعلم وجوب إخفاء صوتهنّ إذا لم يؤمن الفتنة امّا على تقدير الأمن من الفتنة ففي وجوب إخفاء الصّوت خلاف فقيل انّه ليس بعورة لأنّ نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كن يروين الاخبار للرّجال وقيل انّه عورة والاحتياط غير خفي ومقتضى النّهى عن الضرب بأرجلهنّ من غير تقييد بقصد الريبة أو لا تحريمه كذلك أيضا.
(وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) إذ لا يكاد يخلو احد منكم عن تفريط سيّما في الكف عن الشهوات والنظر المحرم (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) اي تفوزون بثواب الجنّة أو بسعادة الدّارين قال في الكشاف (١) أن أوامر الله ونواهيه في كلّ باب لا يكاد العبد الضعيف يقدر على مراعاتها وان ضبط نفسه واجتهد ولا يخلو من تقصير يقع منه فلذلك وصّى المؤمنين بالتوبة وبالاستغفار وبتأميل الفلاح إذا تابوا واستغفروا قال وعن ابن عبّاس توبوا عمّا كنتم تفعلونه في الجاهلية لعلكم تسعدون في الدّنيا والآخرة.
ثم قال فان قلت قد صحّت التوبة بالإسلام والإسلام يجب ما قبله فما معنى هذه التوبة قلت أراد بها ما يقوله العلماء ان من أذنب ذنبا ثمّ تاب عنه يلزمه كلّما ذكره ان
__________________
(١) الكشاف ج ٣ ص ٢٣٣.