(لَيْسَ عَلَيْكُمْ) أيّها المؤمنون المدخول عليهم (وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ) بعد هذه الأوقات الثلثة في ترك الاستيذان فيجوز الدخول بغير استيذان.
وفي صحيحة الفضيل بن يسار (١) عن ابى عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ، الآية قال هم المملوكون من الرّجال والنّساء والصّبيان الّذين لم يبلغوا يستأذنون عليكم عند هذه الثلث عورات ويدخل مملوككم وغلمانكم من بعد هذه الثلث عورات بغير اذن ان شاؤا.
وظاهرها جواز الدخول في غير الأوقات الثلثة مطلقا وخصّ بعضهم ذلك بالمملوك الصغير فإنّه يباح له الدّخول كما أشرنا إليه هذا.
وإطلاق الآية مقيّد بما إذا لم يعلم الدّاخل انّ المدخول عليه منكشف العورة أو على حالة يقرب منها والا لم يجز أيضا كما في غيرها ولعلّ تركه لندوره ثمّ انّه تعالى بين العذر في ترك الاستيذان بعدهنّ بقوله.
(طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) خبر مبتدا محذوف والجملة استيناف مبينة للعذر الموجب للترخّص في ترك الاستيذان بعدهنّ يعنى ان بكم وبهم حاجة الى المخالطة والمداخلة يطوفون عليكم للخدمة وتطوفون عليهم للاستخدام بحيث يكثر دخولهم وخروجهم وتردّدهم فلوحتم الأمر بالاستيذان في كلّ وقت لأدّى إلى الحرج.
وفي هذا بيان لأنّ الجناح بمعنى الحرج ولنفيه عن الفريقين معا في ترك الاستيذان وذلك لشدّة المخالطة والمداخلة الموجبة لذلك قال في الكشاف فإذا رفعت ثلث عورات كان ليس عليكم جناح في محلّ الرّفع على الوصف والمعنى هن ثلث عورات مخصوصة بالاستيذان.
قلت وقد أشرنا انّه يجوز ان يكون مبتدا خبره ما بعده فيكون في محلّ الرفع على الخبريّة أيضا ثمّ قال وإذا نصبت لم يكن له محلّ وكان كلاما مقدّرا للأمر بالاستيذان في تلك الأحوال قلت أراد بكونه مقدّرا انّه مؤكّد لذلك فيمتنع العطف بينهما لكمال الاتّصال.
__________________
(١) مر الحديث قبيل ذلك.