كل أحد بحسب عمله ، وفي ذلك ترهيب وترغيب.
الثانية : (الحجر ٢١) (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ. وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ. وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ).
(وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) أي بسطناها (١) وجعلنا لها طولا وعرضا (وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) جبالا ثابتة ترسيها أي تسكنها لئلا تميد وتتحرك وتستقروا عليها ، من أرسيت السفينة إذا حبستها بالمرساة. [وعن ابن عباس لمّا بسط الله تعالى الأرض على الماء مالت بأهلها كالسفينة فأرساها بالجبال الثقال كيلا تميل بأهلها].
(وَأَنْبَتْنا فِيها) في الأرض أو في الجبال (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) مقدّر بمقدار معين معلوم (٢) تقتضيه الحكمة ، أو كل شيء موزون في العادة كالذهب والفضة والنحاس ونحوها ، أو المراد كل شيء مستحسن متناسب ، من قولهم «كلام موزون» و«أفعال موزونة».
(وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) جمع معيشة ، وهي طلب أسباب الرزق مدة الحياة أو المراد أنه جعل لكم فيها ما تعيشون به من الزرع والنبات والثمار والمطاعم والمشارب والملابس ، بل سائر ما يوجد في العالم مما يقوم به معيشتكم. فعلى الأول بمعنى المصدر ، وعلى الثاني بمعنى الحاصل به.
(وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) عطف على محل لكم ، وهو النصب على أنه مفعول به لجعلنا ، أو عطف على معايش. ويحتمل عطفه على الضمير المجرور ، أي جعلنا لكم ولمن لستم له برازقه معايش في الأرض ، وحكاية العطف على الضمير المجرور بدون اعادة الجار قد تقدمت (٣).
__________________
(١) انظر تعاليقنا على كنز العرفان عند تفسير الآية من ص ٢ الى ص ٦ فان فيها مباحث مفيدة.
(٢) انظر تعاليقنا على كنز العرفان ج ٢ ص ٣.
(٣) قد تقدمت في ج ٢ ص ٣١٢ من هذا الكتاب وفي تعاليقنا على كنز العرفان ج ٢ ص ٤ الى ص ٦.