منهم. وأورد عليه لزوم أن لا يقطع إذا سرق من صديقه. وأجيب بأن السارق لا يكون صديقا ، وضعفه ظاهر.
وهل يجوز دخول بيوتهم لغير الأكل أو الكون بها بعده وقبله؟ نظر من تحريم التصرف في مال الغير الا ما استثنى ، ومن دلالة القرائن على تجويز مثل ذلك من المنافع التي لا يذهب من المال بسببها شيء حيث جاز إتلافه فيما ذكر. والجواز أظهر عملا بمفهوم الموافقة في الآية.
والمتبادر من المذكورين كونهم كذلك بالنسب ، وفي إلحاق من كان منهم كذلك بالرضاع وجه غير بعيد ، من حيث أن الرضاع لحمة كلحمة النسب ، ولمساواته له في كثير من الاحكام. ووجه العدم تبادر النسبي من الإطلاق ، والاحتياط التمسك بأصالة الحرمة في موضع الشك.
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) جرم واثم (أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) مجتمعين أو متفرقين قيل نزلت في بني ليث بن عمرو بن كنانة كانوا يتحرجون أن يأكل الرجل وحده ، فربما قعد الرجل منتظرا نهاره الى الليل ، فان لم يجد من يؤاكله أكل ضرورة. وقيل في قوم من الأنصار ، إذا نزل بهم ضيف لا يأكلون معه. وقيل في قوم تحرجوا عن الاجتماع على الطعام لاختلاف الناس في الأكل وزيادة بعضهم على بعض (١).
وفي «المجمع» (٢) معناه لا بأس أن يأكل الغني مع الفقير في بيته ، فإن الغني كان يدخل على الفقير من ذوي قرابته أو صداقته فيدعوه الى طعامه فيتحرج. قال الشيخ في «ن» : والاولى حمل ذلك على عمومه وانه يجوز الأكل وحدانا وجماعة ، ومقتضى الآية جواز ذلك ، فلا ينافيه كراهة الأكل وحده لثبوته بدليل من خارج ، فقد وقع في الاخبار «ان من يأكل زاده وحده ملعون» ونحوه ، وهو محمول على المبالغة في الكراهة ، جمعا بين الأدلة فلا ينافي الجواز الثابت بالاية.
__________________
(١) انظر البيضاوي ج ٣ ص ٢٤٠.
(٢) المجمع ج ٤ ص ١٥٧ ومثله في كنز العرفان ج ٢ ص ٣٢.