العلم بالرضا بالاذن لم يبق فرق بين من تضمنته الآية وغيره.
ولا يعارضه قبح التصرف في مال الغير بغير إذن ، لأن ذلك مع معلومية عدم الاذن ولعل هذا هو الفرق بين بيوت المذكورين وبيوت غيرهم ، من حيث ان بيوت غيرهم يشترط العلم بالرضا فيها ، وأما بيوت المذكورين فيكفي فيها عدم العلم بالكراهة.
قال في المجمع (١) : «وهذه الرخصة في أكل مال القرابات وهم لا يعلمون ذلك كالرخصة لمن دخل حائطا وهو جائع أن يصيب من ثمرة ، أو مر في سفره بغنم وهو عطشان أن يشرب من لبنه ، توسعة منه على عباده وتلطفا لهم ورغبة لهم عن دناءة الأخلاق وضيق العطن».
قلت : لا يخفي أن هذه الرخصة ليست بمثابة تلك ، فان الدليل قائم هنا وغير واضح هناك ، ومن ثم منعه (٢) بعض الأصحاب ، ومن جوّزه لم يقيده بالجائع ولا بالحائط بل الحكم في المار على الغلة وغيرها أن يأكل منها ، وليس في كلام الأصحاب ما يدل على جواز شرب اللبن لمن مر بغنم في الطريق ـ فتأمل.
هذا ، ومقتضى الآية الأكل من بيوت هؤلاء ، فيجب الاقتصار عليه ولا يجوز الحمل ولا إطعام الغير ، ولا يتعدى الحكم الى تناول غير المأكول ، الا أن يدل عليه الأكل بمفهوم الموافقة كالشرب من مائه والوضوء به ، أو يدل عليه بالالتزام كالكون فيها حالته.
واحتج أبو يوسف بظاهر الآية على أن لا قطع على من سرق من ذوي رحم محرم. وذلك أنه تعالى أباح الأكل من بيوتهم ودخولها بغير اذن ، فلا يكون ماله محرزا
__________________
(١) انظر المجمع ج ٤ ص ١٥٦.
(٢) انظر الاخبار في هذه المسئلة في الوسائل ج ٢ ص ٣٦ الباب ١٧ من أبواب الزكاة وص ٥٥٥ الباب ٨٢ من أبواب ما يكتسب به وص ٦٢٠ الباب ٨ من أبواب بيع الثمار وج ٣ ص ٢٩٩ الباب ٨٠ من أبواب الأطعمة المباحة وص ٤٥٢ الباب ٢٣ من أبواب السرقة ومستدرك الوسائل ج ١ ص ٥٢٠ وج ٢ ص ٤٨٣.
وقد تظافرت الاخبار بالجواز ان لم نقل انها متواترة وعمل بها الأصحاب حتى ابن إدريس القائل بعدم جواز العمل بخبر الواحد.