ومقتضى التحريم كونه باطلا لا يترتب عليه الملك ، فوجب دفعه الى صاحبه لأنه مال لم ينتقل عنه الى الآخذ بوجه من الوجوه المحلّلة كالغصب ، ولو لم يعرف مالكه تصدق به عنه لأنه مجهول المالك.
والظاهر بطلان العقد المشتمل عليه ، لأن التراضي انما وقع على وجه غير مشروع ، فلا يكون صحيحا من أصله. وعلى هذا أصحابنا والشافعية ، وقالت الحنفية يصح البيع وتبطل الزيادة ويجب ردها الى صاحبها. وهو ضعيف ، فان ما وقع عليه التراضي لم ينعقد بالإجماع ، وغيره لم يقع التراضي عليه ، فلا وجه لوقوعه ، إذ التراضي شرط في التجارة. ولان ما علم انتقال الملك به هو البيع الخالي من الربا وغيره لم يعلم انتقال الملك به ، والأصل عدم حصول الملك الا بدليل يوجب الانتقال.
وما يقال من عموم وجوب الوفاء بالعقود والإيفاء يقتضيه ، ممنوع فانا لا نسلم تناوله مثل هذا ، إذ الظاهر وجوب الوفاء بما اراده الشارع ورضي به منها لا ما نهى عنه.
هذا كله إذا فعله متعمدا ، ولو فعله جاهلا بتحريمه فقد اختلف أصحابنا في وجوب رده على مالكه ، فقال الشيخ في النهاية لا يجب رده ، وهو الظاهر من ابن بابويه في المقنع (١) ، ورواه في من لا يحضره الفقيه (٢) ، وعلى ذلك جماعة. والأكثر على وجوب رده ، واليه ذهب ابن إدريس وقواه العلامة في المختلف.
واستدل الشيخ على عدم الرد بظاهر قوله تعالى (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ) وهو يتناول المال الذي أخذه على وجه الربا جهلا ، وبما رواه الكليني (٣) في الصحيح عن هشام بن سالم عن ابى عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن رجل يأكل الربا وهو يرى انه له حلال؟ قال : لا يضره حتى يصيبه متعمدا ، فإن أصابه متعمدا فهو بالمنزل الذي قال الله عزوجل.
__________________
(١) انظر المقنع ص ١٢٥ باب الربو ليس فيه ما نقله المصنف.
(٢) الفقيه ج ٣ ص ١٧٥ الرقم ٧٨٨.
(٣) الكافي ج ١ ص ٣٦٩ باب الربا الحديث ٣ وهو في المرات ج ٣ ص ٣٩٩ والوسائل الباب ٥ من أبواب الربا الحديث ١ وروى مثله في التهذيب ج ٧ ص ١٥ بالرقم ٦٦ عن الحلبي عن ابى عبد الله عليهالسلام.