(فَانْتَهى) فاتعظ وتبع النهي الوارد من الله (فَلَهُ ما سَلَفَ) أى ما أخذه من الربا سالفا قبل نزول التحريم ولا يسترد منه (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) يحكم في شأنه يوم القيامة إن شاء عذبه وان شاء غفر له ، ولا اعتراض لكم عليه.
[وعلى هذا ففيها دلالة ظاهرة على أن العفو من الله موجود ، وهو يبطل قول الوعيدية] أو انّ امره بعد الأمر والنهي الى الله ، فيجازيه على عمله الواقع بعد ذلك من الطاعة أو المعصية بامتثال الأمر أو ارتكاب النهي. أو انّ امره بعد الموعظة والتحريم الى الله ، فان شاء عصمه عن اكله وان شاء خذله.
وجميع ما ذكر من الوجوه دال على ملكية ما سلف قبل النهي ، وليس كونه له مشروطا بالانتهاء ، بل عدم العقاب فيما يأتي مشروط به. فلا يرد أن مفهوم الشرط اقتضى انه إذا لم ينته لم يكن له ، فيجب رده على مالكه خصوصا مع بقاء العين. لان هذا المفهوم غير معتبر إجماعا. ويمكن توجيه المفهوم بأن المراد أن له ما سلف من غير عقاب إذا اتعظ وانتهى ، فلو لم ينته لم يكن له ما سلف سالما ، بل هو مع العقاب فكأنه ليس له ، إذ لا خير فيه مع ثبوت العقاب.
(وَمَنْ عادَ) الى الربا فأخذه بعد ورود النهي (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) وفي الآية وعد عظيم على آكل الربا ، وهو يستلزم كونه من الكبائر ، وقد انعقد إجماع المسلمين على ذلك وتظافرت الاخبار به.
روى الكليني (١) في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : درهم ربا أشد من سبعين زنية كلها بذات محرم.
وعن جميل (٢) عنه عليهالسلام قال : درهم ربا أعظم عند الله من سبعين زنية بذات محرم في بيت الله الحرام. ونحوهما من الاخبار.
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ٣٦٩ باب الربا الحديث ١ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٩٩ ورواه التهذيب ج ٧ ص ١٤ بالرقم ٨١ والفقيه ج ٣ ص ١٧٤ بالرقم ٧٨٢ وهو في الوسائل الباب ١ من أبواب الربا الحديث ١ ج ٢ ص ٥٩٧ ط الأميري.
(٢) المجمع ج ١ ص ٣٩١ ورواه عنه وعن على بن إبراهيم في تفسيره في الوسائل الباب ١ من أبواب الربا الحديث ١٦.