الرابعة : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ). (الأعراف ١٩٩)
(خُذِ الْعَفْوَ) اى خذ ما عفا لك من أفعال الناس وتيسر ولا تطلب ما جهد وشق عليهم ، أخذا من العفو الذي هو ضد الجهد والمشقة ، أو خذ العفو عن المذنبين والصفح عنهم ، أو خذ الفضل وما تسهل من صدقاتهم ، وذلك قبل وجوب الزكاة.
(وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) المعروف المستحسن من الافعال (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) السفهاء فلا تكافهم ولا تمارهم وأحلم عنهم.
قيل (١) لما نزلت سأل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جبريل ، فقال : لا أدري حتى اسأل ، ثم رجع فقال : «يا محمّد ان ربك أمرك ان تصل من قطعك وتعطى من حرمك وتعفو عمن ظلمك» وعن الصادق عليهالسلام : أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق (٢). وهذه الآية جامعة لمكارم الأخلاق بتمامها.
وقد يستدل بظاهرها على استحباب الإقالة في البيع كما قاله الفقهاء ، وعلى استحباب انظار المعسر كما قالوه ، وعلى كراهة معاملة الأدنين والسفلة الذين هم الجاهلون في الحقيقة ، لأن معنى الاعراض عنهم كونهم في جانب عنه ، وهو ينافي المعاملة.
والعجب ان بعضهم توقف في دلالتها على ذلك ، نظرا الى أن العام لا يدل على الخاص ، وهو بعيد ، فان العام ثبت حكمه في جميع الافراد إلا ما خرج بالدليل ، كما هو مقرر في الأصول.
الخامسة : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء ١٤١).
(وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) قيل : المراد نفي السبيل في
__________________
(١) المجمع ج ٢ ص ٥١٢.
(٢) رواه الطبرسي في جوامع الجامع عند تفسير الآية ص ١٦٢ ط ١٣٣١ وحكاه عنه في الصافي ص ١٧٦ ط حاج محمد باقر الخوانساري ١٢٨٦ واللفظ فيهما : وعن الصادق (ع) أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق وليس في القرآن آية اجمع لمكارم الأخلاق منها.