(وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) إلى أدائها. وبه استدل الفقهاء على تحريم الامتناع من أداء الشهادة بعد التحمل [عند احتياج صاحب الحق إليها] كما يقتضيه قوله (وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) أو الى تحملها إذا نودي إليها ، لما في الإباء عن التحمل من ضياع الحق ، وهذا ألصق بالآية. وسموا شهداء تنزيلا لما يشارف منزلة الواقع. ويرجح أيضا بأنه إذا حرم الامتناع عن تحملها حذرا من ضياع الحق فلأن يحرم الامتناع من أدائها أولى. وربما حمل التحريم على ما هو أعم من الأداء والتحمل. قال في المجمع وهو أولى ، لأنه أعم فائدة.
وقد يستدل بها على عدم جواز شهادة العبد في شيء كما ذهب اليه بعض أصحابنا ، وهو قول الشافعية والحنفية ، لأنه تعالى حرم الإباء على الشاهد والإجماع منعقد على ان العبد لا يجب عليه الذهاب ، بل يحرم عليه ذلك إذا لم يأذن سيده.
(وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ) أي لا تملوا من كثرة مدايناتكم أو غيرها من الأسباب أن تكتبوا الدين أو الحق أو الكتاب [فتتركوا الكتابة ثم تندموا على الترك] وقيل كنى بالسأم عن الكسل لأنه صفة المنافق ومن ثم قال النبي صلىاللهعليهوآله «لا يقول المؤمن كسلت».
(صَغِيراً) كان الدين (أَوْ كَبِيراً) لكنه مقيد بما جرت العادة بكتبه لا كالحبة والقيراط ، أو محتقرا كان ذلك الكتاب ، أو مشبعا مختصرا أو مطولا.
(إِلى أَجَلِهِ) أي وقت حلوله الذي أقرّ به المديون ، والنهي لصاحب الدين عن ترك الكتابة والوثيقة ، وقيل نهي للشاهد ، والمراد لا تملوا من كتابة الشهادة على الحق إلى أجله.
(ذلِكُمْ) إشارة الى أن تكتبوه ، [ويحتمل أن تكون إشارة إلى الذي أمرتكم
__________________
ـ العربية ص ٧٩٣ وسنن الترمذي ط دهلي ١٦٠ والام للشافعي ط ١٣٨١ ج ٦ من ص ٢٥٤ ـ ٢٥٦ ومختصر المزني المطبوع بعد ج ٨ من الام من ص ٣٠٥ ـ ٣٠٧ وشرح النووي على صحيح مسلم ج ١٢ ص ٤ وشرح الزرقانى على الموطإ ج ٣ ص ٣٨٩ ـ ٣٩٥ والمنتقى للباجى المالكي شرح الموطإ ج ٥ ص ٢٠٨ ونيل الأوطار ج ٨ ص ٢٩٢ ـ ٢٩٧.