به من الكتب والاشهاد ممّن ترضون] (أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) أكثر عدلا [لأنه إذا كان مكتوبا كان الى اليقين والصدق أقرب وعن الجهل والكذب أبعد ، فكان أعدل عند الله].
(وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ) وأثبت لها وأعون على إقامتها [لأنها سبب الحفظ والذكر فكانت أمرّ أي الاستقامة ، وقدم الأولى لأنها لتحصيل مرضاة الله بخلاف الثانية فإنها للدنيا].
واختلف في بنائهما ، فقال القاضي : أنهما مبنيان من «أقسط» و«أقام» على غير قياس ، أو من «قاسط» بمعنى ذي قسط وقويم ، وانما صحت الواو في أقوم كما صحت في التعجب لجموده.
قلت : لعل الوجه في تفسير قاسط بذي قسط حذرا من ان قاسطا قد يكون بمعنى جائر كقوله تعالى (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) ولهذا جعله أولا من أقسط أي اعدل وأقوم من اقام لا من قام على غير القياس.
ويحتمل أن يكون اقام من قويم بمعنى ثابت أي أثبت ، ووجه كونه على غير قياس ما اشتهر بينهم أن أفعل التفضيل لا يبنى من المزيد فيه بل يقال أشد اقساطا واقامة. ولكن هذا غير متفق عليه ، فان سيبويه يذهب الى جوازه من أفعل المزيد خاصة ، فيجوّزه من باب الافعال نحو أعطاهم وأولاهم. قال الرضي : وعند سيبويه هو قياس عن أفعل مع كونه ذا زيادة ، ويؤيده وقوع ذلك كثيرا نحو أعطاهم للدنانير وأولاهم بالمعروف وأنت أكرم لي من فلان ، وانما جوزه لقلة التغيير فيه ، لأنك تحذف الهمزة منه فقط وترده إلى الثلاثي ثم تبنى منه افعل.
وفي الكشاف فان قلت : مم بني فعلا التفضيل أعني أقسط وأقوم؟ قلت : يجوز على مذهب سيبويه أن يكونا مبنيين من أقسط وأقام ، وان يكون أقسط من قاسط على طريقة النسب بمعنى ذي قسط ، وأقوم من قويم ، والحق أن قول سيبويه هنا غير بعيد لوروده في كلام العرب كثيرا على وجه لا يصح التكلف في تصحيحه ، فينبغي القول به.
(وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا) وأقرب في أن لا تشكوا في جنس الدين وقدره وأجله