منا ومن العامة. والمراد باللزوم أن لا يكون للراهن الرجوع عن الرهن ولا للمرتهن عن الارتهان ومقتضى هذا أنّه لو رهن بإيقاع الإيجاب والقبول ولم يقبض لم يلزم وكان للراهن الامتناع من الإقباض والتصرف فيه بالبيع ونحوه لعدم لزومه.
وذهب الشيخ في الخلاف إلى لزومه بمجرد العقد ، واختاره ابن إدريس ، وعليه مالك من العامة واحمد في إحدى الروايتين.
واحتج الأولون بظاهر قوله (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) حيث وصفها بكونها مقبوضة فاقتضى ذلك عدم تحقق الرهن بدونه. ويؤيده (١) رواية محمّد بن قيس عن الباقر عليهالسلام قال : لا رهن الا مقبوضا.
واحتج الآخرون بعموم قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وأصالة عدم اشتراط القبض. وأجابوا عن الآية بأن الدلالة فيها من حيث وصف الرهن بالقبض ، ولا حجة فيه عند المحققين. على أنها لا تدل على الاشتراط ، فان القبض لو كان شرطا في الرهن لكان ذكر القبض تكرارا لا فائدة تحته ، فكما لا يحسن أن نقول «مقبولة» لا يحسن «مقبوضة».
ولأن الآية لبيان الإرشاد إلى حفظ المال ، وذلك انما يتم بالإقباض كما أنه لا يتم الا بالارتهان ، فالاحتياط يقتضي القبض كما يقتضي الرهن ، وكما أن الرهن ليس شرطا في الدين فكذا القبض في الرهن. والرواية (٢) ضعيفة السند فلا يصار إليها في
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ١٧٦ بالرقم ٧٧٩ ومثله في العياشي رواه في الوسائل الباب ٣ من كتاب الرهن ج ٢ ص ٦٢٧ ودعائم الإسلام رواه في المستدرك ج ٢ ص ٤٩٤.
(٢) فان الحديث في التهذيب عن الحسن بن محمد بن سماعه وهو واقفي وفي طريق الشيخ إليه في المشيخة والفهرست حميد بن زياد وهو أيضا واقفي والراوي عن الامام محمد بن قيس وهو مشترك ولعل الأصح عد الحديث من الموثق ، لمكان وثاقة حميد والحسن والراوي عن محمد بن قيس في الحديث عاصم بن حميد وهو من مميزات محمد بن قيس البجلي الثقة.
ولعلنا نتكلم في حقه بعد ذلك إنشاء إله تعالى.