إثبات مثل هذا الحكم ـ كذا أجاب العلامة في المختلف (١).
قلت : الذي يظهر من الرواية أن الوصف في الآية بالقبض للبيان والكشف لا للتقييد ، فلا يتحقق الرهن بدون القبض ، كما هو مقتضى الوصف الموضح الكاشف. وضعف الرواية لا يمنع من كون المراد بالآية ذلك ، فإنها كالامارة عليه ، ولعل من يذهب إلى اشتراط القبض ينظر إلى ذلك ، فما أجاب به عنها مدفوع على أن الرواية مشهورة بين الأصحاب فنقلوها في الكتب المعتبرة وأكثرهم عامل بها ومفت باعتبار القبض ، وهو جابر لضعفها ان كان.
ثم إنا لو تنزلنا عن ذلك لأمكن أن نقول : الآية ان لم تكن ظاهرة فيما قلنا فهي محتملة له احتمالا مساويا لاحتمال غيره ، وهي دليل مشروعية الرهن في المعاملات وليس عليه دليل غيرها ، وحينئذ فنقول : كون الشيء وثيقة شرعية يترتب عليها الأحكام الخاصة بها مثل سقوط سلطنة المالك عن ملكه وكونه وثيقة الدين ونحو ذلك مما هو خلاف الأصل يتوقف على دليل شرعي مستفاد من الشرع ولا يكفي فيه الأصل والعقل.
والذي ثبت بالشرع كونه وثيقة شرعية ، بالإجماع وظاهر الآية والخبر السابق هو الرهن المقبوض ولم يثبت في غيره ، فيبقى على الأصل الذي هو العدم ، ولا يكفي فيه (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فانا لا نسلم أن الرهن بدون القبض عقد شرعي يجب الوفاء به لعدم ظهور ثبوته من الشرع كذلك.
وأيضا ان كان المراد العقود الصحيحة فلا نسلم صحة العقد الواقع بدون القبض ، وكون الأصل فيه ذلك غير ظاهر ، فإنه يعتبر فيه شروط زائدة عليه ، وليس حصولها معلوما ولا مظنونا بدون اعلام الشارع ولأن الصحة حكم شرعي يتوقف على ورود الشرع به ، ومجرد كون الشيء مما يصدق عليه أنه عقد لا يقتضي ذلك ، وان كان المراد ما هو أعم من الصحيح أو الفاسد فلا دلالة فيه على المطلوب.
وقد قيل يجوز أن يراد بها الأعم كما هو ظاهرها ، وحينئذ فيجب الإيفاء بمقتضى
__________________
(١) المختلف الجزء الثاني ص ٢٣٨.