مطلق العقد صحيحا كان أو فاسدا ، فالصحيح بمقتضى الصحة والفاسد بمقتضى الفساد ، فان للفاسد أيضا أحكاما شرعية يترتب عليه ، فأين الدلالة على ما قالوه.
وحيث يعتبر القبض فالمراد به التخلية مطلقا ، وانما يتحقق بأن يحضر المرتهن فيقبض أو يوكل في قبضه ، فان كان الرهن خفيفا يمكن تناوله باليد فقبضه ان يتناوله هو أو وكيله وان كان ثقيلا كالعبد والدابة فقبضه نقله من مكان إلى آخر ، وان كان طعاما فقبضه أن يكتاله ، وان ارتهن صبرة جزافا فقبضها النقل من مكان إلى مكان ، وان كان مما لا ينقل ولا يحول من أرض أو دار وعليها باب مغلق فقبضها ان يخلي صاحبها بينه وبينها ويدفع بابها اليه أو يدفع اليه مفتاحها ، وان لم يكن له باب فقبضه التخلية بينه وبينها من غير حائل.
ولو كان شيء من المذكورات في يد المرتهن بالعارية السابقة كفى ذلك في القبض ، وهل يفتقر إلى مضى زمان يتحقق في يده؟ الأظهر العدم.
(فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) أي وثق واعتمد بعض الدائنين على بعض المديونين ، بأن لا يجحده ولا ينقصه ولا يناقصه ، واستغنى بأمانته عن الكتابة والشهادة والارتهان (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ) أى دينه ، سمّاه امانة مع كونه ثابتا في ذمته ومضمونا عليه لائتمانه عليه بدون الكتابة والاشهاد والارتهان. والمراد بأدائه اليه إعطاؤه إياه وإيصاله إليه بغير جحود يحتاج إلى الإثبات عند الحاكم ولا ينقص منه شيئا ويدفعه إليه في محله من غير مطل وتسويف.
ثم بالغ في الدفع على ذلك الوجه بقوله (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) [وليتق المديون المؤتمن ربه فلا يجحد الدين ، لأن المدين لما عامله المعاملة الحسنة حيث عول على أمانته ولم يطالبه بالوثائق من الكتابة والاشهاد والرهن فينبغي لهذا المديون أن يعامله بالمعاملة الحسنة] في اجتناب الخيانة وأداء الأمانة ، فيدفعها إلى صاحبها على وجه جميل.
ويحتمل أن يكون المراد الأمر بالإيفاء مطلقا الذي هذا الموضع منها.