ويحتمل ان يراد بها الانعام ، ويكون ذكر البهيمة للتأكيد. وفيها دلالة على إباحة بهيمة الأنعام.
(إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) الا محرم يتلى عليكم ، أو إلا الذي يتلى عليكم آية تحريمه. وقد أجمع المفسرون على أن الآية المتلوة هي قوله بعد ذلك (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) الى آخرها [فان قوله (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) يقتضي احلالها لهم على جميع الوجوه ، فبين الله تعالى أنها ان كانت ميتة أو موقوذة الى آخر ما ذكره فهي محرمة].
(غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) يحتمل أن يكون حالا من المجرور في «لكم» أي أحلت لكم هذه الأشياء لا أن تحلوا الصيد في حال الإحرام فإنه لا يحل لكم ذلك إذا كنتم محرمين ، وقيل حال من ضمير «أوفوا». وقد يتراءى منه أن الإيفاء وحل البهيمة مقيد به ولعلّه غير مراد وقيل استثناء وكأنه من بهيمة الانعام.
وفيه تكلف ، لعدم كون المحلين من جنس البهيمة [ويمكن حمله على المنقطع أي أحلت لكم بهيمة الأنعام لكن لا تحلوا الصيد في حال الإحرام ، لما ذكر تعالى أن بهيمة الأنعام حلال ، ذكر الفرق بين صيدها وغير صيدها ، فعرفنا أن ما كان منها صيدا فإنه حلال في الإحلال دون الإحرام وما لم يكن صيدا فإنه حلال في الحالين معا].
(وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) حال من ضمير (مُحِلِّي الصَّيْدِ) [والحرم من أحرم ، أي دخل في الإحرام بالحج والعمرة ، فهو محرم وحرم ، ويستوي فيه الواحد والجمع كالجنب ، يقال قوم حرم كما يقال قوم جنب وقد يقال أحرم لمن دخل الحرم ، وقوله (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) يشمل الوجهين ، فيحرم الصيد على من كان في الحرم كما يحرم على من كان محرما بحج أو عمرة].
(إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) من تحليل وتحريم وهو دليل قوي على بطلان القياس الحاصل باستنباط العلة ، فإنه تعالى قد حكم بالحكم الواحد في المتخالفات وباختلاف الحكم في المتفقات. وفيه إشارة إلى انه لا ينبغي السؤال عن اللم والعلة ، لإيجاب الوفاء واباحة ما أباح وتحريم ما حرم ، إذ لا نفع يترتب على ذلك.