فقد القطع لا لأجل قيامها مقامه ، بل لأجل ان الأمارات (ح) أحد مصاديق الموضوع مصداقا حقيقيا ، وإذا أخذ بما انه كاشف تام : أو صفة مخصوصة فلا شك عدم جواز ترتيب الأثر ، لفقد ان ما هو الموضوع عند الشارع ، لأن الظن ليس كشفا تاما ، وان عمل العقلاء علي الأمارات ، ليس إلّا لأجل كونها كواشف عن الواقع ، من دون ان يلاحظ صفة أخرى ، بلا فرق بين تمام الموضوع وجزئه وبذلك يظهر النّظر فيما أفاده بعض أعاظم العصر ، فانه قدسسره مع انه قد اعترف بأنه ليس للشارع في تلك الطرق العقلائية تأسيس أصلا ، قد أتى بما لا يناسبه ، وحاصله ان في القطع يجتمع جهات ثلاث ، جهة كونه قائمة بنفس العالم من حيث إنشاء النّفس في صقعها الداخليّ صورة على طبق ذي الصورة ، وجهة كشفه عن المعلوم ، وإراءته للواقع.
وجهة البناء والجري العملي على وفق العلم ، والمجعول في باب الطرق هي الجهة الثانية ، فان المجعول فيها ، نفس الطريقية والمحرزية والكاشفية ، وفي الأصول هي الجهة الثالثة.
ثم قال : ان حكومة الطرق على الأحكام الواقعية ، ليست الحكومة الواقعية مثل قوله الطواف بالبيت صلاة أو لا شك لكثير الشك بل الحكومة ظاهرية ، والفرق ، ان الواقعية توجب التوسعة والتضييق في الموضوع الواقعي ، بحيث يتحقق هناك موضوع آخر واقعي في عرض الموضوع الأوّلي ، وهذا بخلاف الظاهرية ، إذ ليس فيها توسعة وتضييق إلّا بناء على جعل المؤدى ، الّذي يرجع إلى التصويب واما بناء على المختار من جعل الطريقية ، فليس هناك توسعة وتضييق واقعي ، وحكومتها انما يكون باعتبار وقوعها في طريق إحراز الواقع في رتبة الجهل به فيكون المجعول في طول الواقع لا في عرضه.
ثم أفاد ان مما ذكرنا يظهر قيام الأمارات مقام القطع الطريقي مطلقا ، ولو كان مأخوذاً في الموضوع ، وعدم قيامها مقام القطع الوصفي ـ انتهى كلامه ،