للشك ، لا يصح سلبه ، فكذلك النقصان في مقام الكشف ذاتي للأمارات لا يمكن سلبها فما يناله الجعل ليس إلّا إيجاب العمل بمفادها والعمل على طبقها ، وترتيب آثار الواقع عليها ، ولما كان ذاك التعبد بلسان تحقق الواقع ، وإلغاء احتمال الخلاف تعبدا ، صح انتزاع الوسطية والكاشفية
وقس عليه الحجية ، فلان معناها كون الشيء قاطعا للعذر في ترك ما امر بفعله وفعل ما امر بتركه ومعلوم انه متأخر عن أيّ جعل ، تكليفا أو وضعا ، فلو لم يأمر الشارع بوجوب العمل بالشيء ، تأسيسا أو إمضاء فلا يتحقق الحجية ، ولا يقطع به العذر.
ورابعا : ان عدم إمكان انتزاع الزوجية عما ذكره من الأحكام ، لا لعدم الجامع بينهما ، بل لأجل كونها آثارا متأخرة عن الزوجية ، وهي بعد يعد موضوعا لهذه الأحكام المتأخرة ، فلا معنى ، لانتزاع ما هو المتقدم طبعا ، عما هو متأخر كذلك
نعم ، هاهنا أحكام تكليفية ، يمكن ان يتوهم إمكان انتزاع الزوجية منها كالأوامر الواردة بالنكاح في الآيات أو قوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلك ، ومع ذلك كله ، فالتحقيق ان الزوجية ليست من المخترعات الشرعية ، بل من الاعتبارات العقلائية ، التي يدور عليها فلك الحياة الإنسانية فيما ان الزوجية مما يتوقف عليه نظام الاجتماع ، ويترتب عليه آثار ومنافع لا تحصى ، قام العقلاء على اعتبارها ، نعم الشرائع السماوية قد تصرف فيها تصرفا يرجع إلى إصلاحها وبيان حدودها.
وخامسا : فبعد هذا الإطناب ، فالإشكال باق بعد بحاله. فان جعل الوسطية والطريقية والحجية للطرق والأمارات مع العلم بأنها ينجر أحيانا إلى المخالفة والمناقضة للواقع ، لا يجتمع مع بقاء الأحكام الواقعية على ما عليها من الفعلية التامة.
وبالحملة ، ان الإرادة الجدية الحتمية بالاحكام الواقعية ، لا تجتمع مع تعلق